وهذا القرار الذي اعلنه اردوغان الاثنين الماضي كاجراء في اطار اصلاح ديموقراطي في مجال حرية العقيدة، يرضي بالتاكيد ناخبي حزبه العدالة والتنمية (المنيثق عن التيار الاسلامي) مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في مارس 2014.
الا انه لم يشكل مفاجأة كبيرة بعد ان فتح حزب العدالة والتنمية في السنوات الاخيرة، خطوة خطوة، الطريق امام رفع الحظر عن الحجاب في المؤسسات العامة بعد السماح به بالفعل في الجامعات وفي المحاكم بالنسبة للمحاميات وفي الامتحانات.
وطالب رئيس الحكومة الذي ترتدي زوجته وابنته الحجاب شانهما شان القيادات النسائية في حزبه “بانهاء الحظر في المؤسسات العامة (…) والاجراءات التمييزية بحق النساء والرجال”.
الا ان الحظر سيظل ساريا بالنسبة للعاملين في الشرطة والجيش والادعاء والقضاء.
الا ان وزير العدل سعد الله ارغين المح الاربعاء الى ان النساء العاملات في المؤسسات التي تفرض زيا رسميا مثل الجيش والشرطة يمكنهن ايضا الحصول على هذا “الحق” اذا سمحت لهن المؤسسات التي يعملن بها بذلك.
واشار العدالة والتنمية الى ان هذا الاجراء الجديد لا يشمل السماح بارتداء النقاب، الذي يغطي جسد المراة من راسها الى اخمص قدميها ولا يظهر سوى عينيها، في الادارات العامة لان النساء العاملات يجب ان يكن “مكشوفي الوجه”.
ولتنفيذ هذا الاصلاح سيكتفي الحزب الحاكم باصدار مرسوم رسمي منهيا بذلك شرعية حظر يندرج في اطار المبادىء العلمانية التي ارساها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك.
ومنذ وصوله الى السلطة عام 2002 جعل العدالة والتنمية من انهاء حظر الحجاب في الوظيفة العامة رمزا لتركيا علمانية معتدلة تحافظ على هويتها الاسلامية دون التخلي تماما عن مبادئها العلمانية والذي يعد من معاركه المفضلة.
وبعد السماح به بالفعل للطالبات في الجامعات اصبح الحجاب مسموحا به للمدرسات في الجامعات والنائبات البرلمانيات وكل العاملات في الادارات العامة.
وفي عام 1999 تقدمت مروة قواقتشي النائبة التركية الامريكية التي انتخبت عن حزب ينتمي للتيار الاسلامي لاداء اليمين الدستورية وهي تضع الحجاب. لكنها اضطرت الى ترك القاعة وسط صيحات الاستهجان قبل ان تجرد من جنسيتها التركية.
وقبل ستة اشهر من موعد الانتخابات البلدية ترى المعارضة الاشتراكية الديموقراطية في اعلان اردوغان “استفزازا” بعد حركة الاحتجاجات التي اجتاحت تركيا يونيو الماضي.
ولمدة شهر تقريبا نزل مئات الالاف من الاتراك الى الشوارع للتنديد ب”الانحراف الاسلامي” للحكومة وخاصة بعد اصلاح يقيد بيع المشروبات الكحولية وتناولها.
وقالت النائبة ايمان غولر عضو حزب المعارضة الرئيسي الداعم للعلمانية، حزب الشعب الجمهوري، انها “ضربة خطيرة للجمهورية القومية والمدنية”.
ودعا رئيس هذا الحزب كمال كيليتشدار اوغلو الخميس “جميع المواطنين الاتراك ، بمن فيهم الاعلى مستوى، الى احترام القواعد السارية”.
وتوجه في هذا الاطار الى خير النساء غول، زوجة الرئيس عبد الله غول، التي حضرت خطابا لزوجها في البرلمان وهي ترتدي حجابها، في سابقة من نوعها، وذلك بعد يوم واحد فقط من اعلان اردوغان.
وكتب بكير جوسكن مستهجنا في عموده بصحيفة جمهورييت المعارضة “انها مجرد خطوة جديدة نحو تركيا متحولة الى دولة دينية، لا اكثر ولا اقل”.
من جانبه اعتبر الاستاذ الجامعي احمد كيليتش اوغلو استاذ القانون في جامعة انقرة ان الحكومة التركية فتحت بذلك الطريق لاسلمة الدولة التركية.
وقال “انها خطوة اولى نحو البرقع في تركيا” منددا ب”انحراف (اسلامي) شديد الخطورة” وحالة “استقطاب” في الوظيفة العامة بين المتدينين وغير المتدينين.
في المقابل اعتبرت منظمة مسلم در الاسلامية غير الحكومية ان هذا الاصلاح “غير كاف” وحثت الحكومة على السماح بالحجاب “دون تمييز” في جميع المؤسسات العامة.
عذراً التعليقات مغلقة