دخلوا (بصيغة المستقبل عن قصد) الدستور الجزائري من باب سياسي واسع، يؤدي لفضاء مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، الرجل الذي عمَّرَ في كل المواعيد الهامة والتاريخية من لحظة أولى لاستقلال الجزائر من الاستعمار الفرنسي (الممتد على المساحة الزمنية التالية: من 5 يونيو 1830 ميلادية / 14 محرم عام 1246 هجرية إلى يوليوز 1962 ميلادية / 7 ذي القعدة عام 1380 هجرية) إلى الآن، أسياد أنفسهم من أزمنة ، ظلوا أثناءها أوفياء للغتهم الأصلية الأصيلة ، وتقاليدهم الموسومة بخاصية تستحق المزيد من الدرس، ممَّن يحاول الغوص في ظاهرة (وإن كانت فطرية) اتخذت في الجزائر مذ صارت دولة ذات كيان وسيادة، بالمفهوم الدقيق لمعنى الدولة ، صبغة التميُّز المتمدن الممزوج بكيفية قابلها التعايش الإنساني العام بالقناعة الجزائرية المؤسَّسة على الإيمان أن الزمنَ مُتكفِّلٌ بإنصاف كل فريق، أتى به القدر حيث استوطن وأنتج أجيالا من مجتمعات تحملت أعباء البناء حسب إمكانات العصور المتعاقبة ، وصولا لهذا العصر وما استجد فيه من أحداث لها قيمة، كتلك التي نتولاها تدوينا وشرحا بكل ما تحتاجه من حياد ايجابي، واحترام للحقائق والمعلومات التي اجتهدنا ما أمكن للحصول عليها حتى تكون كلماتنا (ذات الصلة) مسموعة ، وما نتوخاه من هدف يبقى محصورا في التأريخ الحديث لمسيرة الجزائر التي نكن لشعبها المحبة والتقدير .
دخلوا بلهجتهم إلى الدستور ليصبحوا متمتعين بها لغة رسمية للدولة جنب العربية الند للند ، “أهل أمازيغ” المقارن عمرهم بعمر التربة الجزائرية حينما عُرفت بنفس الاسم، ورفرفت على معالمها الراية المتطورة عبر التاريخ شكلا وألوانا إلى أن تم اجتماع رواد الجهاد الجزائري من أجل التحرر و الاستقلال من الاحتلال الاستيطاني الفرنسي، في منزل كائن بشارع سوق الجمعة رقم 18 بالقبة السفلى، فيأذنوا للمقاومين عبد الرحمن سماعي و أحمد العمراني بتنفيذ خياطة تصميمها لتصبح بالأبيض و الأخضر، يتوسطهما هلال ونجمة أحمرين، رسمية ،انطلاقا من المؤتمر الأول “لحركة انتصار الحريات” يوم 15 نوفمبر 1947، ويتبعه في ذلك حزب جبهة التحرير الوطني في مؤتمره المنعقد في الفاتح من نوفمبر 1954.
دخلوا كإقرار للدستور (لازال مشروعا يُناقش داخل الأحزاب السياسية في الجزائر، بشروحات وتفسيرات متباينة، تساير فكرها ما تناضل من أجل تحقيقها كأهداف أقصاها الوصول إلى كرسي الحكم ، إن لم تكن، فالمشاركة فيه يكفي لحين ) بأحقية الأمازيغ أن تكون لغتهم رسميا متداولة في جميع المجالات وعلى رأسها الحكومية، ولها الأفضلية بالمؤكد على اللغة الفرنسية الطاغية في التعاملات الرسمية حاليا ، وأهل أمازيغ في الجزائر ، مجتمع متحضر، اعتمادا كان على نفسه ، ليحقق مكاسب أوصلته لما هو عليه من حضور ظاهر في ميادين فكرية سياسية واقتصادية لها وزنها في البلاد، طبعا عايش مواطنوه التهميش والإقصاء والقهر طيلة مراحل لا يستهان بها بسبب ما تمتعوا به من وطنية عالية الحرص ،على أن يحظى كل جزائري أو جزائرية بالحقوق كاملة ، والوطن لا تنقصه امكانات لتنفيذ ذلك، لولا سيطرة بعض النافذين المعروفين، على خيرات الجزائر، الذين أخروا النماء والتطور حتى لا يشمل كل مناطق وجهات الجزائر، وبخاصة القرى المليئة أمازيغ ، لم أرى هذا في تقرير ، بل عايشته بالمباشر انطلاقا من الزيارة الميدانية التي قمت بها آتيا من “قرية”عين بني مطهر (بركنت سابقا) المغربية، بداية من سنة 1975، واصلا مدينة سيدي بلعباس الجزائرية التي استضافني فيها رجل جزائري شهم كريم إنساني شريف ، في بيته المشيد فوق سطح مسجد معروف ، فكانت المدينة الأولى التي حظيت فيها بمعرفة إخوان من أمازيغ لهم من الدراية والعلم والنبوغ ما اعترفَ بقدرتهم على العطاء الفكري النقي الخالي من شوائب العصبية الطائفية، قادة الأدب عموما والمسرح أبو الفنون على وجه الخصوص، فرنسيو باريس من الطبقة الراقية المؤثرة في المجتمعات الغربية الناطقة بلغتهم .
… شخصا انصح كل مقبل على التمعن دارسا الشخصية الجزائرية على طبيعتها، وبما تتحلى به من فضائل القيم ،ووطنية التكوين، وإيمان عميق بمبادئ الإحسان المقابل للإحسان، والوفاء البعيد عن الاكراهات السياسية، ومتطلبات الأحداث العابرة، والانجرار خلف عاطفة راسية على ثقافة الباطل توطئة للحصول على منافع لا قيمة لها حيال معانقة الأخ الإنسان لأخيه الإنسان بثقة عالية في النفس، وعهد مثواه القلب وحارسه العقل، و مفهوم التضامن في الحق وصولا لإحقاقه المتواصل كمنهجية الاستمرار إلى ما شاء الرحيم القهار ، أنصح بالاستقرار (لبعض الوقت) في نلك التي أصبحت مدينة تُدعى رسميا “عين بني مطهر” ، وفي اتخاذ هذا الاسم لذاك التجمع السكاني المغربي قصة عجيبة
عذراً التعليقات مغلقة