بعد قرارها عدم المشاركة في تحالف عسكري دولي لمراقبة حرية الملاحة في الخليج العربي، تتجنب دول أوروبية كبرى، وعلى رأسها فرنسا، التورط في أي تطور في الخليج في أعقاب الهجوم الذي تبناه الحوثي على منشـآت النفط «أرامكو»، إدراكاً منها أنها ستكون الأكثر تضرراً.
وتلتزم الدول الأوروبية الحذر الشديد بشأن الهجمات التي شنت السبت الماضي على منشآت أرامكو وخاصة في البقيق. وتتهم الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراء الهجمات، ولكن بدون تقرير رسمي حتى الآن، بل مجرد تصريحات متفاوتة التأكيد.
وتعتبر فرنسا البوصلة السياسية التي عادة ما تتصدر مواقف الاتحاد الأوروبي في النزاعات الدولية، وكل ما صدر عنها هو تصريح لوزير الخارجية جان إيف لودريان، الثلاثاء من الأسبوع الجاري، بقوله إن فرنسا تجهل مصدر الهجوم، وإنها أرسلت خبراء إلى السعودية للمشاركة في التحري والوقوف على الأمر.
ووفق محللين فرنسيين، تصريح وزير الخارجية يعني أن واشنطن لم تمد حتى الآن حلفاءها في أوروبا بأي تقرير مقنع حول مصدر الهجمات، وبالتالي استمرار الرواية الرسمية حول الحوثيين. كما يعني أن السفن الحربية الفرنسية في الخليج لم ترصد مصدر الطائرات المسيرة التي هاجمت «أرامكو».
وتلتزم دول أوروبية، ومنها إلمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وأخرى، الحذر وأحياناً التجاهل، تجاه ما يقع في الخليج العربي باستثناء تصريحات بروتوكولية صدرت عن برلين ولندن، تقول بضرورة «الرد الجماعي» على ما يجري، لكن مع التركيز على ضرورة تجنب أي احتقان في منطقة الخليج العربي، وهذا يعني استبعاد أي رهان عسكري.
وتشير كل المعطيات إلى تجنب الدول الأوروبية الاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة أو دعم العربية السعودية في هذا النزاع، وذلك لأسباب عدة.
في المقام الأول، لا تتوفر الدول الأوروبية على أي تقرير رسمي يفيد بمصدر انطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ التي استهدفت «أرامكو»، ولم تزود واشنطن حلفاءها الأوروبيين بأي معلومات دقيقة باستثناء اتهامات غير موثقة تقول بانطلاقها من الأراضي الإيرانية.
في المقام الثاني، تعتبر الدول الأوروبية أن الحل الحقيقي يكمن في ضرورة وقف الحرب في اليمن وتوقيع الإمارات العربية والسعودية السلام مع اليمنيين، أو على الأقل وقف الهجمات حتى لا يستهدف الحوثيون مصادر الطاقة مثلما فعلوا مع «أرامكو».
في المقام الثالث، لا يثق الأوروبيون في مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأنه إذا وقعت أي حرب في الخليج العربي، فالمتضرر الأول هي الدول الأوروبية المستوردة للنفط، بينما الولايات المتحدة تتوفر على إنتاج ضخم من النفط والغاز.
وفي المقام الرابع، سيناريو الحرب ضد إيران لم يعد فوق الطاولة بحكم القوة العسكرية الإيرانية التي جعلت البنتاغون يتردد في خوض أي حرب، كما أن الحل العسكري لن ولم يحسم هذا النزاع.
في غضون ذلك، تركز الصحافة الأوروبية على نقطتين مرتبطتين بهذا الملف، الأولى عجز العربية السعودية على حماية نفسها عسكرياً، ثم كيف سينعكس ارتفاع أسعار النفط على الاقتصاد الأوروبي. وكانت النكتة هي ما نشرته جريدة «لوموند «الأربعاء باستعادة شريط الفيديو الذي يبرز هجوم قوات الجيش السعودي على إيران وغزوها، وتكتب الجريدة بنوع من السخرية: «بدون شك، تمنت السعودية لو لم يوجد ذلك الفيلم نهائياً».
عذراً التعليقات مغلقة