المرأة والأسرة عالميا وتاريخيا

رشيد حموش21 ديسمبر 2022آخر تحديث :
المرأة والأسرة عالميا وتاريخيا

المهدي رحالي – تزنيت

عالميا يمكن تعريف الأسرة على أنها مؤسسة مجتمعية تكون حلقة وصل بين عدة أصول وفروع، حيث تكون مكونة بالأساس من أب وأم وغالبا أبناء، لكن تختلف صور هذه المؤسسة بين أسرة مبنية على زواج صريح ومشهود، وبين أسرة دون زواج صريح وموثق، وتبقى مبنية فقط على التزام عاطفي تجاه الطرف الأخر، والتزام انساني تجاه الأبناء دون زواج صريح وموثق. وهذا ما يعطي اشكالات عديدة أثناء الحوار الدولي الذي يتتبع ويقيم السياسيات الحكومية بهذا الخصوص، فالحلول المعتمدة تختلف حسب نوع الأسرة السائد بتلك الدولة، نسبة الزواج والطلاق، أعراف وتقاليد تدبير الأسرة، مدى التساهل مع الارتباط خارج إطار الزواج، إلخ…
فالحلول تأتي بناء على معطيات ومشاكل، فمثلا حلول ابتكرتها دولة متسامحة مع العلاقات خارج إطار الزواج، لا يمكن أن تعمدها دولة تجزر العلاقات خارج إطار الزواج، لأن هذه الحلول بها روح وواقع تلك الدولة، وهي لن تنجح إلا إذا تم تبني نفس المنظومة الاخلاقية والقيمية والاجتماعية والفكرية للدولة المتسامحة مع العلاقة خارج إطار الزواج.
وتاريخيا ما يتفق عليه بالإجماع هي أن المرأة هي عماد الأسرة وأنها لاعب مهم ذو قوة ناعمة، لذلك أنا أيضا في هذا المقال سأحاول التركيز على المرأة في محاولة لموازنة الخطاب العالمي الرائج بخصوص تنظيم العلاقات بين الجنسين وبين الأصول والفروع. الذي يشن الهجوم على الرجل في كثير من الأحيان ويقزم منه. لهذا سنلتزم بالنقد الواقعي والموضوعي والبناء من زاوية مختلفة تحاول هذه المرة في أغلبها إنصاف الرجل.
فغالبا ما يستنتج أن استيراد التشريعات والبرامج المتعلقة بالأسرة لا يزيد الوضع إلا سوء، وفي الحقيقة هذا يشكل خطر على السيادة الوطنية. فإن نجحت هذه السياسات المستوردة فهذا لا يعني شيئا سوى نجاح خلق فرص للسيطرة من طرف الدول المصدرة، عبر بسط أرضية بطريقة ناعمة لمشاريعها الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية.
المرأة والأسرة، والإسلام.
الأسرة من أهم قلاع الاسلام، حيث أطرها بعدة منظومات أخلاقية وتشريعية خاصة، حيث يلتزم الأب بمسؤولية القوامة، والأم بمسؤولية التقويم، وعلى الأبناء بواجب الطاعة. فنظريا، هذا كله يخلق بيئة مثالية لتلقين الرسالة الحميدة، نظرا لأن هذا يشكل تكامل جد محكم يساهم في بناء مجتمع متماسك، ومتخلق بأساسيات التفاعل الايجابي.
فالإسلام رتب آداب ومراحل للزواج والطلاق على حد السواء، فضلا عن الحياة الزوجية، فلقد وضع الإسلام صفات للمرأة الصالحة، حيث أطر أغلب هذه الصفات والالتزامات، ويمكن استنباطها عبر هذه الأحاديث التالية بعضا منها: -قال ص:(خيرُ النِّساءِ امرأةٌ إذا نظرتَ إليها سرَّتكَ، وإذا أمرتَها أطاعتْكَ، وإذا غِبتَ عنها حفِظتْكَ في نفسِها ومالِكَ، ثمَّ قرأَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ هذِهِ الآيةَ الرِّجالُ قوَّامونَ علَى النِّساءِ إلى آخرِها). -قال ص:(فإني لو أَمرتُ شيئًا أن يسجدَ لشيءٍ ؛ لأمَرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها، والذي نفسي بيدِه، لا تُؤدِّي المرأةُ حقَّ ربِّها حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زوجِها). -قال ص:(إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ فأَبَتْ، فبات غضبانَ عليها، لعنتها الملائكةُ حتى تُصبحَ). -قيل يا رسول الله: أي النساء خير؟ فقال:(التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره).
بينما الان نجد تلاعب خطير بالتزامات الرجل وصفات رجولته، فالرجل الان يهاجم في جميع الحالات، فإذا أراد التزوج من امرأة عاطلة فستتهمه الموظفة من الخوف من المرأة الناجحة وتصفه بالمعقد وأنه ليس رجل، وعليه أن يثبت العكس بتزوجها. وعندما يريد التزوج من امرأة موظفة تتهمه المرأة الغير مشتغلة بأنه يطمع في مالها وأنه عديم المسؤولية وأنه ليس برجل، وعليه أن يثبت العكس بتزوجها. وعندما يريد التزوج من امرأة شابة تتهمه المرأة الكاهل بأنه يطمع في استغلال سذاجتها وأنه ليس برجل، وعليه أن يثبت العكس بتزوجها. وعندما يريد التزوج من امرأة عجوز تتهمه المرأة الشابة بأنه يريد السطو على منجزاتها بدون مجهود وأنه ليس برجل، وعليه أن يثبت العكس بتزوجها. وعندما يريد التزوج من امرأة مريضة أو معاقة تتهمه المرأة السليمة بأنه يريد كسب الاحترام والتعاطف المجاني بدون مجهود وأنه ليس برجل، وعليه أن يثبت العكس بتزوجها. وعندما يريد التزوج من امرأة سليمة تتهمه المرأة المعاقة بأنه لا يتسم بروح التضامن والإحسان وأنه ليس برجل، وعليه أن يثبت العكس بتزوجها. وفي إحدى البرامج الإذاعية قالت ضيفة بأن الرجل هو من يأتي بها من الملاهي الليلية ويسترها ويرجعها للطريق، وله الاجر والثواب.
فقوله تعالى :(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)) سورة الأحزاب، يمكن الاستفادة منه أن الرجل الحقيقي هو الوفي بعهوده والملتزم بوعوده والصادق في قوله، وطبعا كل السمات المكملة والمترتبة على هذه السمات والصفات التي تنم عن التقوى الحقيقي والعميق، غير ذلك من التأويل والتلاعب بمفهوم الرجولة من طرف المرأة، هو محاولة بئيسة للنجاة من شبح العنوسة أو لتبرير العنوسة أو لتبرير الطلاق، وأيضا يستعمل حتى لإخضاع الرجل، لأن المرأة تستخدم أولا جمالها، ثم ثانيا لسانها وعندما لا يفلح أي مما سبق تبدأ بمحاولة لإشعاره بالعار والذنب كنوع من الابتزاز، بالتالي نجد عموما أنه لا يمكن الاعتداد برأي المرأة للحكم على رجولة شخص ما.
وبخصوص الطلاق وتعويضات الزوجة على إثره، فإن ما استفحل حالات الطلاق هو اعتماد تعويضات الطلاق على الحالة المادية للزوج، التي جعلت هذه التعويضات تؤول لكونها ريعا حلالا، لأنه في نظري والله أعلم، الاسلام فرض تعويضات المتعة والنفقة على الزوج، لأنه ضمن للرجل أن المرأة مبدئيا ذات ولاء خاص له بوضعه لها أحكام تجعلها في الغالب مرابطة في بيته ولا تحتاج خروجه، لكن الان في عصرنا نجد أن الواقع يسمح بتكدس المصالح المادية للمرأة، ما يفتح عينها على رجال من مستوى أعلى من زوجها الذي يستنفد موارده لأجلها. فتعويضات الطلاق على الأقل يجب أن يكون انطلاقا من الوعي والادراك المالي للزوجة، بالرجوع إلى وضعيتها المادية قبل الزواج، وبالنظر في القيمة المادية كانت تعطى مقابل واجباتها في بيت النشأة، لكي لا ينظر للطلاق على أنه صفقة رابحة ومصعد مجتمعي ورافع للموارد العامة للزوجة، مع ضرورة اسقاط نفقة المتعة، فعلميا متعة المرأة أكثر من الرجل وهي أحوج للزواج منه، نظرا للضغط المجتمعي والبيولوجي عليها، خصوصا فيما يخص غريزة الأمومة كون الرجل ليس له سن يأس بينما المرأة لديها، رغم أن هناك نقاش قوي في الأوساط العلمية حول غريزة الأمومة ليتم تعريفها تعريف وسط ومؤقت على أنها نتيجة لعمليات نفسية معقدة تتأثر بعوامل مختلفة بيولوجية ونفسية وتربوية وثقافية. وعموما فانحلال القيم الإسلامية لا يمكن أن يوازن إلا بواجبات والتزامات وضعية إضافية، ويجب اسقاط أغلب تعويضات الطلاق أيضا عند الخيانة أو وجود ما يفيد بخصوص ماضيها قبل الزواج، نظرا لكون هذا الماضي خيانة لأتعاب ومجهودات والديها لتنشئتها، فما الذي يمكن انتظاره مِن مَن خان أسرته في مرحلة ما في حياته.
فأنا أظن أنه في ظل هذه السيرورة العالمية يجب وضع الرجل في موقع المتضرر من الطلاق ويجب السعي لجبر ضرره، خصوصا أن القوانين الحالية تربط الجبر فقط بالزواج الشرعي، بينما أثناء العلاقات العابرة ذات التأثير الأكبر على نفسية الأنثى لا نجد التشريع الوضعي ينصفها، وفي الأصل نجد المرأة لا تطالب بإنصافها أصلا على هذا المستوى، وأن سلوكها يكون إما مفعما بالتضحية الغير مشروطة أو يبحث عن المصالح المادية الآنية. وهذا ما يجعلنا نسأل لماذا لا تستأسد ولا تتمرد المرأة إلا في الزواج الشرعي، تحديدا بعد تواجد الأبناء في العائلة؟ أما بخصوص نفقة الابناء فأنا أظن أنه يجب أن تكونا من اختصاص الدولة ويجب انشاء صندق خاص لذلك وأن تكون من مهامه تحمل نفقة الزوج الذي لا يستطيع تحمل نفقة الأبناء خصوص الذي قد ، أما بخصوص الحضانة فيجب اجبار أن ينشأ الابن في ظل أسرة متعددة الأجيال إما من جهة الأب أو الأم مع اجبار محتضنه أن يكون ملازما لهذه البيئة، وفي نظري إن كان جنس الطفل ذكر فعليه أن يحتضن من طرف الأب والعكس أيضا، أولا لكي يعي الطفل أن طلاق والديه فشل وأنه ليس أسلوب حياة وأن الوضع الطبيعي هو الرجوع للأسرة والتعامل ضمنها، وثانيا لضمان وجود شخصية أب التي يمكن أن يتقمصها الجد أو العم أو زوج العمة الخال أو زوج الخالة، نظرا لأهمية تواجد هذه الشخصية في حياة الطفل، وعند استعصاء الأمر فيجب أن يحتضن الطفل كيفما كان جنسه من طرف الأسرة ذات شرط تعدد الأجيال، أما في حالة تعذر ذلك لأي سبب من الأسباب خصوصا إذا ما تنكرت الأسرتين للطفل إما بشكل مباشر أو بالتهاون، فهنا يجب على الدولة أن تضع يدها على الطفل لأن في نظري تربية الخيرية أفضل بكثير من تريية بعض مطلقات اليوم. وأيضا لضمان لعدم استخدام الأطفال مجرد وسيلة من أحد الأطراف لمعاكسة واستفزاز الطرف الاخر، وألا يتم اعتبارهم جائزة تحت نفقة الآخر، وأيضا كضمان أفضل لتحقيق شروط الحق في الزيارة. فعلى الدول العمل بجد للضمان الفعلي أن الزواج يتم الدخول له بنية الدوام بقناعة راسخة، فالزواج ليس مؤسسة للربح المادي والأطفال ليسوا أدوات لتبيض الشرف.
وهذه الممارسات وهذا التفكك لم يأتي به لا الإسلام ولا أي من عباده الصالحين، فأخذ كل طرف ما يناسبه من الدين فهذا من صفات المنافقين النزلاء في الدرك الأسفل من النار، وهذا لن يجعل منا جيل يُتباهى به بين الأمم، بل جيل عبارة يد عاملة رخيصة للرأسمالية العالمية المتوحشة وقطيع يستهلك الإعلام بكفاءة. وأنا أصبحت لدي قناعة مفادها أن هذا الجيل من المسلمين أن كان سينجح في شيء، فهو أنه سيكون عبرة ممتازة للأجيال المقبلة.
المرأة والأسرة، صمام الصدمات الاجتماعية.
من أهم الأدوار التي تلعبها الأسرة، هي أنها تلعب دور المبدد للأزمات والصدمات الاجتماعية والمجتمعية، كطاعون الطلاق، وفيروس العهر والدياثة، وميكروب الإدمان على المخدرات. حيث يتم امتصاص الصدمة بشكل تضامني وتلقائي من طرف أعضاء العائلة، فنجد كلا من موقعه يهب للمساعدة انطلاقا مما يجيده.
فهذا الذي قلناه هو الوضع الصحيح للأسرة، لكن الان تحول موقع الأسرة من موقع المبدد للصدمات، لموقع أصبحت فيه هي بؤرة الصدمات والأزمات. هذه البؤر دمرت عدة ركائز كان يقوم عليها المجتمع، كالمدرسة والجامعة والمسجد والمرافق العامة ومؤسسات الدولة، بل أصبحت الأسرة تدمر نفسها بنفسها.
حيث أصبحت تطفوا صدمات جد خطيرة في المجتمع الاسلامي، مثل ظاهرة عقوق الوالدين وتعنيفهم، حيث أصبح من المتوقع نظرا لتردي القيمة الإنسانية والدينية والرمزية للأسرة، في شخص الأبوين، أن نجد أب أو أم تشتكي من ضرب ابنها لها، فقط لأنها لم تعطه النقود أو تزايدت معه في الكلام. وهذا ما أكده فيديو تم تداوله مؤخرا لأب مغربي يبيت في الشارع وملامح الحسرة والخوف من ابنه الذي عنفه واستهدف مناطق في وجهه. إضافة لدراسات تدق ناقوس الخطر حول المراهقة في الدول الإسلامية خصوصا المغاربية منها، ففي تونس دراسة تؤكد أن %40.3 من التلاميذ يدخنون السجائر قبل سن 13 سنة.
ومن الأزمات والصدامات التي أصبحت تصدرها الأسرة هي التفكك الأسري، ليس الطلاق بل خصومة الرجل لإخوانه ووالديه وأقاربه، فنجد هنا من تشتكي من زوجها لأنه يهتم بأمه كثيرا ويحترم رأيها، وقد نجد أيضا أن الأم تشتكي من ابنها الذي يهتم بزوجته كثيرا، أو قد نجد الأخوات تشتكي من الاستفزاز التي تتجرعنه من خلال إنفاق اخوهن على زوجته، فنجد الكل ينهال على الرجل بالإهانة والتنقيص باعتباره ظالم للمرأة.
لكن في الواقع نجد الرجل مجرد واجهة لصراع طاحن بين المرأة والنساء الأخريات، بالتالي نجد غالبا أن المرأة ضحية امرأة أخرى، وأن الرجل بدوره ضحية لصراع للسيطرة. فكما تناضل الان المرأة من أجل المساواة وضمان ولاء الزوج لها، سنجدها تناضل عندما تكون أم ويكون ابنها ذا ولاء لزوجته، وستطالب بأتعابها في تنشئته وأحقيتها في الاهتمام قبل زوجته، وسيتقطع قلبها وتشفق عليه من واقع هي من طبعت معه إذا أصبح ابنها ضحية له، وعندما تصبح أختا ستناضل من أجل تعويض الأخ لها على الحنان والدعم التي كانت توفره له، ورد الاعتبار لترتيب الأكل والملابس الذي كانت تعده له، بل أصبحنا نجد المتبرجة تعتز بكونها أغوت رجلا في الشارع وجعلته يعجب بها، وتعتبره حقا لها وتجدها تجتهد في ذلك، وعندما تصبح زوجة تثور عند إغواء رجلها في الشارع وإعجابه بإحداهن، وتعتبرها خيانة.
أي هنا نستنتج أن المرأة لم تفهم بعد دورها وواجباتها في الحياة، ولا تتقبل أي نظام يستطيع أن يـأطر أدوارها وتعاملاتها في المجتمع مع باقي النساء، وتعتبره تقييدا لها وتقييد لتفوقها المزعوم. ونجد المرأة تحب أن تنتظر من الرجل أن يكون تلك البقرة الحلوب القار انتاجها، مهما تغير موقع المرأة. هذا الصراع التافه وفي نفس الوقت الخطير، يؤسس لاستفحال عدة ظواهر خطيرة، كالطلاق والخيانة وعقوق الوالدين وهجر بيت التنشئة، أو حتى التبري من الأصل كله. لذلك يجب إعادة النظر في كيف جعل المرأة تفهم رسالتها في الحياة، لكي تتصالح مع نفسها ومع باقي النساء الأجنبيات في الأسرة والمجتمع، وأن تأخذ حقها بشكل لا يكون حساب حقوق نساء أخريات في العائلة، بل ليس على حساب المجتمع ككل، وأيضا بشكل لا يكون على حساب الصحة النفسية لباقي النساء، وأيضا بشكل يراعي مستقبل أعضاء الأسرة وكل نساء المجتمع، مع تبرئة الرجل من المسؤولية اللصيقة به ومن المنسوب إليه.
فمن أهم مسببات الأزمات الاجتماعية المبكرة في الأسرة، هي تحول العائلة من المبدد للتوتر الى كونها هي مصدر التوتر، عبر الضغط التي تضغطه على المتزوجين عند بداية تكون الأسرة، كالاطمئنان والتتبع المفرط للزوجين كنوع من إظهار الاهتمام، والسبق في تبادل الزيارات الترحالية، والتدخل في اختيارات وقناعات الزوجين بطريقة غير مسؤولة، ومحاولة التأكد من قناعات وجاهزية الزوجان بالفكاهة والنقاشات الملغومة، مع التقديم للتوجيهات والملاحظات من طرف أهل كل واحد منها للطرف الاخر بطريقة أستاذية. فمثل هذه السلوكيات تمنع الزوجين من الوصول لذلك التوازن النفسي والموضوعي الضروري للانطلاق الفعلي مع شريك الحياة، حيث يتم ارباك البيئة التي يجري فيها هذا التقارب الروحي والحياتي الأولي، ما يسبب للزوجين أو أحد الأزواج ذلك الاجهاد النفسي كالذي يتعرض له الطالب عند يوم الامتحان، والذي يتسبب في تشويش الذاكرة وتوتر الأحاسيس بالتالي وصول عامل الندم والشك لمستويات قياسية، الذي ينتهي في الغالب بما لا يحمد عقباه، حيث يتسبب هذا الضغط الأسري بافعام الأطراف المعنية برغبة متصاعدة في الهروب، وهذا يحدث كرد دفاعي لا إرادي من طرف نفسية الشخص المعني كحل اضطراري. فإقلاع العائلة بالأسرة الحديثة العهد يجب أن يكون بتمعن، ويمكن تشبيه هذا الإقلاع بإقلاع الدرجات النارية، فالدراجة تمر بمرحلة ترويض كافية فقط لكي تتعرف الدراجة على هويتها وإمكانيتها، ثم عند الإقلاع العادي يتم السير بمستويات متدرجة حتى يتم الاستقرار على السرعة المناسبة.
وفي الغالب نجد هذا الضغط يكون بسبب فضول نساء العائلة، ففي ظل غياب احترام النساء لبعضهن البعض، إضافة لظاهرة الثرثرة المفعمة بالعاطفية لدى النساء، كونها تستعمل كوسيلة لكسر الروتين وللترويح عن النفس وإزالة الضغط والتوتر ولو على حساب ارتياح شخص اخر، وأيضا لجلب الانتباه ولو بإفشاء الأسرار الحساسة للعائلة، حيث أكدت دراسات أن المرأة لا تستطيع كتم سر عادي أكثر من يومين، ما يزيد فرص مواجهة بعضهن البعض باستعمال هذه الأسرار والاعترافات، وفي ظل تنازل الرجال عن التحكيم الموضوعي في النزاعات الحياتية البسيطة، نجد هذا يؤدي لتراكم أصبح يجعل العلاقات الأسرية والعائلية تطبعها الهرمونية أكثر من العقلانية والاستقرار. وهذا ما يزيد من سرعة تحول الأسرة لقنبلة موقوتة، ولبؤرة للصراعات والعنف والنفاق الاجتماعي. وللأسف يحدث كل هذا بمباركة الاعلام الدولي وصناعة المسلسلات الدرامية في العالم، التي تصور أن المرأة السوية والذكية هي التي تجيد عزل زوجها بالكولسة والوسوسة وحياكة المواقف المصيرية، وأن عدم فعلها لذلك هو سبب مباشر لتكون ضحية للعنف والإقصاء، في قلب وقح لمفاهيم الولاء والإخلاص والاستواء الاخلاقي.
وفي المقابل نجد هذه المسلسلات تصور الرجل في صورتين، إما ذلك المطيع الخاضع ضعيف الشخصية، مع إعطاء انطباع على أنه هو الرجل السوي، أو تصوره في صورة ذلك الوحش العنيف الظالم والمستبد الذي يجب ردعه وإقصاءه من المجتمع في أسرع وقت ممكن. فهذا التحريض والتجييش يُلزمنا بالوقوف وقفة حازمة على كل هذه المستويات، فيجب التفريق بين إنتاجات تعكس واقع وتحسس ضد بعض مشاكله، وبين إنتاجات تعكس الواقع وتحرض على التمادي في ممارسات انتقامية من كيان الرجل.
المرأة والأسرة والرأسمالية، الذخيرة البشرية والجنة الضريبية والاستهلاكية.
تعتبر الرأسمالية أو النظام الحر بوابة الجحيم على الأسرة، حيث أن هذا النظام يميل إلى التعامل مع الفرد وليس مع الأسرة أو المجتمع، ما يفكك الارتباطات الاجتماعية التي تحمل نوع من التآزر والتضامن المادي بين أعضاء الأسرة، ليتحول كل شخص لمستهلك مستقل وغير واعي بصحية استهلاكه، ما يزيد فرص الاستهلاك على خلفية تشويه التقاسم الاجتماعي، وتقزيم من أدوار العائلة في المشاكل الحياتية والسوسيواقتصادية.
وما يعوص الوضع هو كثرة الأبناء لدى الأسر الفقيرة، ففي هذه الأسر يتم النظر للأبناء كعلبة الحظ التي سيكون داخل احداها جائزة الخلاص من الفقر والمعاناة، أو قد تستخدمهم المرأة كنوع من مأزقة الرجل والمجتمع، وكنوع من تسول الاهتمام والتعاطف والنفقة، ويصادف هذا أن تكون العائلة دون أي استعداد نفسي واقعي ودون أي استعداد مادي موضوعي، حيث نجد عدد الأطفال يتجاوز في الغالب الثلاث أبناء، وكل هذا في الحقيقة لا يمهد الطريق إلا لزيادة عرض المجتمع لليد العاملة في وجه الشركات.
وفيما يخص الذخيرة الضريبية، فنجد الدفع المستمر والهستيري لاشتغال المرأة يخدم بالأساس الرصد والضبط الضريبي، وربما يكون هذا مجديا في الدول الغربية التي تتبنى المساواة في الشغل وأيضا في الانفاق بشكل مسؤول، بينما في الدول الاسلامية لا يمكن القبول بهذه التشكيلة السوسيو اقتصادية، لأن نحن لدينا معضلة القوامة تطرح اشكال خطير، فالمرأة التي تشتغل بفضل المساواة، نجدها تتضايق من تلبية واجب الانفاق الذي جاءت به المساواة، ونجدها تتحجج بالشرع والقانون والالتزامات المادية لمنظومة القوامة، مع استخدام ضد زوجها بعض أساليب الاشعار العار والذنب.
فعموما في العالم العربي، نجد اشتغال المرأة في الوظائف التي لا يشكل إنجازها من طرف رجل أو امرأة فرقا موضوعيا، مجرد معرقل لا غير. فإن المرأة إذا أعطيتها وظيفة براتب محترم، فستكون أولوياتها حصرا في تحقيق ذاتها بإبحارها في الموضة وتحصيل الممتلكات لصالحها، وهذا ما يجعل الموظفة تتوهم أنها لا تحتاج لأن تكون مستقبلا ضمن أسرة أم وتلمس هذه العقلية عند الخصام أو حدوث مشكل حيث نجدها في التمادي الغير مسؤول في ردة الفعل، مع افتخارها ببعض المساعدات المؤقتة والمتذبذبة للغير، إضافة للعجرفة التي تطبع علاقتها بأقاربها، فأصبحنا نجد حديثا المرأة لا تتنازل بالبيت، لكنها لا تناضل بنفس الشكل في الشغل بل يزيد اخلاصها أثناء العمل، فكل هذا يضع مطالبها بالإنصاف المجتمعي في موضع شكوك وتساؤلات، خصوصا أن هذه الأوضاع يتم استغلالها والانتفاع بها من طرف نوعية يمكن وصفها بأشباه المثقفات، التي لا نجدهن يحشدن للدفاع عن اشتغال مرأة في القطاعات الغير مهيكلة الذي تعيش فيه المرأة الويلات الفعلية.
إضافة الى أنني أصبحت اظن أن سياسة تشغيل المرأة في العالم هو مجرد إخلاء لمسؤولية الدولة والمجتمع، كأن الدولة والمجتمع يقولان للمرأة نحن قمنا بتشغيلك إذا من الان فصاعدا أنت مسؤولة عن نفسك ولسنا مطالبين بمواكبتك في كل شيء، طبعا هذا لا يقال مباشرة بل يترجم لشعارات كالمرأة الحديدية والمرأة القوية وغيرها، لكن أليس من العيب الزج بالمرأة في دينامية تجعلها تصاب بالشد العصبي وشحابة الوجه وشيب الشعر في سن صغيرة، أصغر بكثير مقارنة مع المرأة التي كانت تهتم بأشياء بسيطة ذات حياتي ويومي، وخصوصا أن قيمة المرأة في أنوثتها تحديدا في جمالها وتعاملها، وكل هذا يدحره ضغط الوظيفة. فإن كان معيار smv يقول إنه على الرجل أن يتصارع من الصفر لكي يبني ويحافظ على قيمته الحقيقية، فإنه حسب نفس العيار فإن المرأة تولد بأغلب قيمتها وليس عليها سوى الحفاظ عليها، لذلك على المجتمع أيضا تحمل مسؤولية ضمان حصول ذلك. فإذا كان الرجل يصيبه شحوب الوجه وشيب الرأس تحت توتر وضغط الوظيفة غالبا أواخر الخمسينيات بسبب الوظيفة، فرصد بوادر هذه الأعراض لدى المرأة قد يبدأ من أواخر الأربعينيات، فإن حدث هذا فمصيبة كبرى كونه يزيد من معدلات القلق وعدم الرضا العام لدى المرأة بنفسها بشكل لا إرادي. فنظرا لهذا القلق وإضافة للوقت المخصص للمنزل والأبناء الضيق أصلا، قد يلاحظ انعكاس جد سلبي ومباشرة على سلوكياتها كالشراء المفرط للملابس والمجوهرات والأطعمة مرتفعة السعرات الحرارية وكل هذا كمحاولة لتعزيز الثقة في النفس، إضافة لتأثر تربيتها لأبنائها الذي يصادف غالبا وجودهم في مرحلة المراهقة أن لم يكن مرحلة الطفولة، ما يستدعي مجهود وترسانة كبيرة من الحلول لضمان وصول مواطن الغد لسن النضج بأقل الأضرار. وإذا لم يحدث هذا وخرجت المرأة من الوظيفة دون هذه الأضرار الجانبية، فهذا يسائل مدى جديتها وإخلاصها في عملها، وإذا تبين غياب هذا الإخلاص فهذا أيضا إشكال عويص قائم بحد ذاته.
وبالجوع لالتزامات الرجل إذا ما أعطيته وظيفة بمرتب محترم، فسيكون تفكيره في نفسه مجرد مرحلة مؤقتة، ومع الوقت سيسعى لتحقيق التزاماته الدينية والمعنوية والفطرية كرجل، وسيسعى للقوامة بنفسه وبأقاربه ومحارمه وحتى أصدقائه، وسيسعى لإكمال دينه بالزواج، مع القوامة بزوجته وأبنائه، أي نجده يقوم ب 7 أفراد على الأقل، فلهذا يمكن القول إن إعطاء المال لشخص قليل الالتزامات المجتمعية هو تبديد خطير لقوة دورة المال المجتمعية. وخصوصا أن الدول الإسلامية غير مؤهلة لإتباع سيرورة المساواة، ولا تصلح لهم، لأنها إما ستمحي هويتهم وتقاليدهم، أو ستعوص الكوارث التي وصلناها أصلا، لأنه حتما سنعيش ردة اجتماعية عنيفة، كما تشهد عدة دول ردة على عدة مستويات كانت تتغنى بتقليد الغرب فيها.
المرأة والأسرة، والخيانة والطلاق.
والخيانة ليس بالضروري أن تكون بعد الزواج فقد تكون راجعة لقبل الزواج، فالخيانة القبلية تكون عندما يكون أحد أطراف عقد الزواج قد خاض تجربة عاطفية فاشلة قبل الزواج، علما أن الإناث أكثر تأثرا من هذه الفشل.
فكم من مرة تزوجت الفتاة زواجا ميكانيكيا فقط لتهرب من لقب العانس وتجد من ينفق عليها، بينما تكون مشاعرها مع شخص يبعد عنها عشرات الكلومترات، هذا في أحسن الأحوال، أما هناك من تتخذ هذا الشخص خليلا لها في الحرام، وهذه الحالات لا علاقة لها بمدى اهتمام الزوج ونفقته، بل بماضيها الخاص، لهذا لا نجد الزوج تسبب في أي ضرر حقيقي من الطلاق في هذه الحالة، وإن تسبب فانه يكون ضررا مهملا، وهذا ما يجب أن يترجم عند الحكم بتعويضات الطلاق. بينما النوع الثاني الذي قد يكون من حظ الرجل والمرأة على حد السواء، دون أن ننسى الإشارة إلى أنه يكون أخطر عندما يكون من جهة المرأة، نظرا لكونه قد يضع لدى الرجل الشك بخصوص علاقته بأبنائه. وعموما في هذا النوع يتم التحجج بالتقصير النسبي من لدن أحد الأطراف، ورغم ذلك هذا ليس سببا مجيزا للخيانة الزوجية، فغالبا في هذه القضايا يكون للمرأة ادعاءات غير موضوعية، لأنه في الغالب نجد الأمر يتعلق بالقناعات العميقة والطبائع النرجسية الخفية للزوجة، دون أن ننسى الخيانة الرقمية المنتشرة بشكل مهول مؤخرا نظرا لسهولة الوصول إليها.
وللحسم في النقاش بخصوص الخيانة، فعلينا إخراج عملية الخيانة من المجال الاجتماعي لمجال المواطنة، للخروج من الإجابات النمطية والمميعة للنقاش والمبددة لأهميته. فمثلا نفترض أن مواطن ما تآمر ضد الوطن لصالح دولة معينة، وخان وطنه بإفشاء سر يمس أمن الدولة أو تبيدق ليعمل لصالح البلد الاخر في وظيفة حساسة ببلده. فهل لهذا الشخص إن كشف أمره أن يقول إن الدولة لم تهتم بي ولم توفر لي الصحة والتغذية والشغل، وفي المقابل استخبارات تلك الدولة اهتمت بي ووفرت لي كل شيء، بالتالي أنا ليس لي ذنب في الخيانة لأنني لست المقصر. طبعا لن يؤخذ أي أحد بهذا الكلام، وسيتم الحكم عليه بأقصى العقوبات الجاري بها العمل. أما بخصوص العلاقات الرضائية، فللحسم في هذا السرطان علينا أيضا اخراج قيمة الرضائية من العلاقات العاطفية للعلاقات الإجرامية والجنائية التي لا تقبل اختلاف اثنين، فمثلا هل لمريض نفساني متعطش للقتل والدماء أن يجتمع مع مريض نفساني يريد الموت والانتحار وأن يتفقا على عملية قتل رضائية بينهما، مع احترامهما لعدم التواجد في مكان عمومي وتعقيمهم لمكان العملية وارتداء كل ما يساعد على عدم انتقال الأمراض والميكروبات، فهل لهم إن سئلوا عما يفعلان أن يقولوا نحن نفعل هذا بطريقة حداثية ورضائية متقدمة تحت ضمانة العلم والتكنولوجيا ولا نؤذي أحدا. طبعا لا، بل سيتم تفجير قنابل إعلامية تدين الظاهرة قبل شيوعها، وسيتم فتح بحوث معمقة ونقاشات عمومية عدة وغيرها من ردود الفعل الطبيعية للمجتمعات والدول، أي هنا نستنتج أن الرضائية ليس بالضرورة أن تكون نابعة عن وعي وحداثة، بل قد تكون نابعة عن جهل خفي وكبت خطيرة وحرمان عميق، وعلى الدول امتصاص هذه الضغوطات بالريادة في مؤشرات التنمية المعروفة وليس بإتاحة الجنس والمسكرات لعموم.
وخير مثال في الميدان العسكري، حيث نجد الجندي يموت من أجل قيم الشرف والعزة والكرامة، وهذا يحدث لأنه في المجال العسكري توجد الصرامة وتسمى الأشياء بمسمياتها. وهنا نجد أن الرضائية قد يكون ضحيتها حتى من وصلوا مراحل متقدمة من النضج وليس فقط من تجاوزوا سن الرشد القانوني. وهذا ما يتبين عند إثارة عدة قضايا وعقود وقعت عن غير علم وحدثت في ظل تعتيم غير ظاهر، وظن حينها أنها رضائية واستقلالية وشجاعة.
وهنا نستنتج الخيانة لا يمكن أن تبرر نهائيا سواء لمرتكب الخيانة الزوجية أو لمرتكب خيانة الوطن. وأن أي اتصال أو تواصل غير معلن وغير مضبوط أو معالمه غير واضحة لأي شخص مسؤول، فهي علامات مريبة تحتاج الوقوف عندها وقفة جادة ورادعة، لذا يجب اتخاذ قرارات لعدم بقاء الخيانة بديل للانسحاب الصريح عند عدم المقدرة على فعله من أحد الأطراف. مع ضرورة توسيع الحق العام في قضايا الخيانة، لأنها ماسة بالأمن القومي الاجتماعي بشكل لا يستهان به، والرفع التلقائي لقضية خيانة إن نتجت دعوة طلاق بسببها، مع جعل وجود الأطفال ظرف تشديد وليس ظرف تخفيف، لمواجهة ظاهرة تبديد وقع الخيانة والجرائم عموما تحت مسمى مصلحة الأطفال، ولنفرض جدلا انه حتما سيكون ضرر للأطفال مهما كانت جهود الدولة، فلا بأس بالتضحية ببضع عشرات الأطفال وردع الخونة، للحفاظ على الالاف الاسر وملايين الأطفال بعدها. فنجد أن أغلب التجارب في الواقع تأكد أن الماضي العاطفي للمرأة هو مستقبلها العاطفي والأسري، بينما مستقبل الرجل العملي والمهني هو مستقبله العاطفي والأسري. بالتالي من حق الزوج الحكم بقسوة على ماضي المرأة كما تحكم هي بقسوة على مستقبله. ونرجع لنقطة أن كون للمرأة المتزوجة دخل هو مؤشر مهم لمدى للاضطراب النفسي-العاطفي لدى المرأة، أولا لأن في أغلب الوظائف ترتفع نسب التحرش بالمرأة لأرقام مستفزة، إضافة إلى أن وجود دخل يجعل نقاش الانفاق على البيت يفتح بتردد متقارب، ما يعطي انطباعا للمرأة أن زوجها يراها كمصدر للماديات فقط ما يدفعها بشكل لا واعي للبحث عن العطف والاهتمام خارج بيت الزوجية، إضافة الى أن تعب وإرهاق الوظيفة يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية الزوجين للعواطف تجاه بعضهما وتجاه الأطفال، وهذا ما يستهدف إحدى أهم معاقل تجديد المشاعر بجعلها تقام في بيئة متوترة، ألا وهي العلاقة الحميمية.
بالتالي يجب التصدي للخيانة الزوجية بأي طريقة خصوصا لكي نتفادى مشاكل غربية نحن في غنى عنها، فالشاب الغربي مثلا من أولى التحديات لديه عند بلوغه هي أن يتعرف على أبيه البيولوجي، فنجده يتحرى أرشيف علاقات أمه السابقة كي يعرف محله من الإعراب، إضافة لما ستجنيه من إجهاد مجاني لقضاء ومؤسسات الدول العربية، فباختلاط الأنساب يضرب بشكل مباشر في تشريعات وأحكام الإرث والنفقة والعديد…
وغالبا نجد أن الخيانة تنتهي بالطلاق، بالتالي من الضروري الإشارة لظاهرة التنشئة بدون أب التي تشكل خطير كبير على تنشئة الطفل، فبالنسبة للبنت الأب هو الشخص الذي يقدم للفتاة لمحة أولى عن الجنس الآخر، ثم يمضي في بناء الطريقة التي ستنظر بها إلى الرجال عندما تكبر الفتاة، وتصبح امرأة بالغة. فعندما لا تحصل الفتاة على الحب الأبوي أثناء نشأتها، وتشعر بالأمان والقوة، فستطور منظورًا سلبيًا عن الرجال. سيؤدي ذلك إلى ابتعادها عن أنوثتها والانجذاب إلى الرجال الضعفاء، أو قد تذهب إلى الطرف الآخر المتمثل في أن تصبح أنثى بشكل مفرط وتميل إلى التطور في علاقة ضارة مع الرجال. هذا يعني شيئًا واحدًا فقط، هو أن الفتاة تحتاج إلى أب أو شخصية أب في حياتها.
بينما يؤثر عدم وجود شخصية الأب على النمو الاجتماعي والنفسي للولد. فتنشئة الولد بدون نموذج أساسي يحتذى به للذكور، قد يواجه الأولاد مشاكل في تأكيد أسلوب حياتهم كذكر. فعندما يصلون إلى سن الرشد، قد يواجهون صعوبات في تكوين أسرهم. كما أنهم يواجهون مشاكل في معرفة دورهم العائلي وكيفية خدمة أسرهم على أفضل وجه. فالأب هو الشخص الذي يساعد الأولاد على التعرف على أنفسهم مع شخص ما، ثم يبدأ في استيعاب سمات والده.
لذلك نجد أن الإباء يوفرون اللبنات الأساسية التي يحتاجها الصبي ليصبح رجلاً. فإذا حدثت مثل هذه المشاكل فقد لا يتمكن الصبي من الحصول على شخصية أب حوله، بالتالي هناك احتمالات أنه قد يبدأ في التعرف على والدته وقد يصبح نفسيا ذكرًا مخصيًا، أو يمكنه الذهاب إلى أقصى الحدود، ليصبح رجلاً يكره النساء وينخرط في سلوك هدام. فلقد وجدت دراسات عدة، أن أطفال المطلقين لديهم احتمالية أكبر للاعتقال بسبب جريمة عنيفة. وأطفال الأمهات العازبات أكثر عرضة للانتحار وتعاطي المخدرات والاكتئاب، والحمل في سن المراهقة بالنسبة للإناث. بالإضافة إلى ذلك، هناك أدلة تشير إلى أن الآثار النفسية لعدم وجود شخصية أب في الحياة ستجعل الأطفال لديهم فرصة أكبر لارتكاب جرائم، أو التورط في أنشطة مرتبطة بالعصابات والإرهاب. بالتالي يمكن توقع كارثة على جميع المستويات بعد 15 سنة من الان، فعلى الدول صاحبة معدلات العالية للطلاق والأمهات العازبات أن تستعد بالدبابات المتطور والطائرات المسيرة لهذه الأجيال.
لذلك الزواج الذي لا يكون بدافع روحي فهو زواج هش، فالزواج الذي يكون بدافع مادي وعاطفي هو زواج مرتبط بالتغيرات الهرمونية ومتغيرات البورصة العالمية، لأن العاطفة متقلبة ومتذبذبة ولا يجب اتخاذ أغلب القرارات المصيرية على ضوئها، كذلك الدافع المادي هو أيضا مرتبط بمدى القدرة على توفير الموارد فإن نفذت نفذ. وغالبا لدى الأشخاص الذين يعتمدون على الدافع المادي والعاطفي في حياتهم، يلمس في سلوكياتهم ندم شديد على بعض الفرص في الماضي، وارتباك خفي بخصوص الحاضر، وقلق وتخوف عميقين من المستقبل. أما بخصوص الدافع الروحي فهو مرتبط بالشخص وبقناعاته العميقة التي تُسقى من خلال قيم تسمو عن لذة المادة والغريزة، ولهذا الدافع الروحي في الغالب لا يتبدد من تلقاء نفسه ولا يتأثر كثيرا بمتغيرات الواقع، فهو كالفرق بين الفن الروحي والفن العادي، فالفن العادي يمل منه المرء بعد تكرار استهلاكه بضع عشرات من المرات، لكن الفن الروحي قد تجد الانسان يستهلكه منذ نعومة أظافره ولا يمل منه، فالجانب الروحي غالبا لا يتم معرفته واستكشافه من قبل الشخص إلا باستعمال الدين، كون معظم الأديان تتأسس على مفاهيم وروايات تؤسس لما يسمى القناعة المجردة، التي تتفرع بعدها لقناعات فكرية وحياتية واجتماعية واقتصادية راسخة.
العنف الأسري، والاضرابات النفسية-الجنسية.
من التدليس الخطير، أن يتم اختزال العنف الأسري فقط في العنف البدني، الذي ينسب في الغالب استعماله للرجال، لكن الأخطر من العنف البدني هو النكد الذي ينسب تاريخيا للمرأة، والذي تدفع إليه سيكولوجيا. والعنف النفسي هو أخطر بكثير من البدني، وهما على حد السواء يحتاجان التجريم والجزر.
أولا، لأن النكد من أوائل الأسباب لاستعمال الرجل للعنف البدني، إما بشكل آنى أو تراكمي. ثانيا، نظرا للآثار المترتبة عنه في التربية، فللعنف البدني أن يجعل الطفل ينطبع بالسادية، بينما العنف اللفظي والنفسي المتمثل في النكد، يمكن أن يؤدي لعدة أمراض نفسية، العادية منها والجنسية. مثلا ضعف الثقة في النفس، الاكتئاب، اضطراب الهوية الجنسية، المازوشية أو المازوخية.
فالفرق بين الاضطرابات النفسية العادية والاضطرابات النفسية الجنسية، هو أن الاضطرابات النفسية العادية تحدث نتيجة الصدمات التي تحدث بسبب مشاكل بخلفية لا علاقة لها بالطبيعة الجنسية للأطراف، أي لأسباب موضوعية عادية، بينما الاضطرابات النفسية الجنسية تحدث أثناء الصدامات والنقاشات المرتبطة بالطبيعة الجنسية والالتزامات المترتبة عنها لأطراف المشكل، حيث يترجمها الطفل كامتحان يفرض عليه التموقع الجنسي.
فمثلا أسرة بها زوج يعنف زوجته بالضرب وفي نفس الوقت الزوجة تتوجه بالنكد والتنمر للزوج، وأحيانا يتم تعنيف الطفل، فإن كان هناك طفل شاهد على هذه الأسرة، فقد يكون حظه من العقد والأمراض النفسية كالاتي:
-إذا ما كان يهتم الطفل بما يفعله أبوه وكان ينظر إليه كقدوة، فسيكون حظه اضطرابات كاضطراب السادية مثلا، وهذا يحدث إما اقتداء بأبيه أو ثأرا ضدا في أبيه، وهذا يحدث بشكل لا شعوري وعميق. والسادية هي شعور الشخص بالنشوة والتلذذ عند تعنيفه أو إذلاله لشخص اخر.
-وأما إذا ما انحاز الطفل لجهة الأم، وكان ينظر إليها كضحية يجب أن يتعاطف معها، فسيكون حظه من الاضطرابات اضطراب مثل المازوشية، التي هي عكس السادية، فهي اضطراب يحسب فيه الشخص بالنشوة والتلذذ عند تعرضه للتعنيف والاذلال من طرف شخص اخر، وغالبا ما تظهر أعراض الاضطراب بشدة أثناء العلاقة الحميمية.
-أما في حالة إذا ما استجاب الطفل لنكد الأم، الحامل لأفكار تنجس الرجل وتضعه في موضع القمامة، فإن الطفل إذا كان ولد فسيتحول إما لمثلي جنسي أو لأي من الإضرابات الجنسية والهويات الجنسية الأخرى، المهم أن ينسلخ عن كونه رجل يتحلى بالرجولة، أو سيتحول لديوث يستمتع ويتسامح مع دخول إحدى محارمه في علاقات عاطفية وجنسية غير العلاقة الشرعية.
فعلميا هذه الصدمات ذات الطابع الجنسي تخلق نوعا من الارتجاج في الإطار النفسي الذكوري للطفل وفي تشكيلته العصبية الحسية، كون هذا النكد وهذه الأنواع من العنف تضرب في عمق كيانه الرجولي. بالتالي يأخذ القرار بالانضمام للطيف الأنثوي عبر تبنيه لهوية جنسية أقرب لهذا الطيف، أو يسلم أن الأنثى لها أن تقيم علاقة مع أي كان دون الرجوع إليه، لأن صدمات النكد رسخت في أعماقه أن الأنثى دائما ملاك وأن الرجل هو الحثالة.
فعند تمام الطلاق، يجب ضمان عدم تحريض الأبناء ضد الأب، لأن ذلك قد يؤدي لاضطرابات نفسية تنتشر كالفطريات نحن في غنى عنها، وكسب المرأة لتعاطف أبنائها عند الرشد هو الأقل احتمالا واخر ما ستحققه هذه الأفعال، وإن كانت تفعل هذا كنوع من غسل الدماغ فهذه ظاهرة أخطر. علما أن هذه الاضطرابات قد لا تكون بسبب العنف الأسري فقط، بل أيضا بسبب الاغتصاب أو بسبب الاعتداء والاذلال الجنسي الذي قد يتعرض له الشخص في طفولته. دون أن ننسى أنه عندما التوجه للطفل بالعنفين البدني أو اللفظي، فقد يؤدي لتحولها لضعيف الشخصية أو أن يصبح عدوانيا ساديا مع زملائه.
المرأة والأسرة، ورهان جودة التربية.
كيف يمكن للأسرة أن تنتج تربية سليمة، في ظل افتقار قائديها لأبجديات التواصل بينهما والتربية لرعيتهما، فكيف لأستاذ يخضع لتكوين فيما معدله 16 سنة، ليدرس التلميذ فقط بين ساعة و8 ساعات أسبوعيا، بينما نجد الأبوين الموجودان في صلب عملية التربية والتقويم دون انقطاع، قد تجدهم لم يفتحوا قط نقاشا جادا ومسؤولا وعن علم حول موضوع التربية. أي يجب الوعي بضرورة اخضاع الزوجين لدورة تدريبية تحت إشراف مدارس مرخص لها من طرف الدولة، فيجب احداث هذه المدارس لتمكين الأبوين من أدوات التربية لتمكينهم من تلقين أبنائهم بأقل الأضرار خصوصا الأم، عملا بالتوجهات العالمية التي تضع الأم كمسؤولة أولية عن التربية انطلاقا من الأرقام الخاصة بالحضانة بعد الطلاق، ففي اليابان نجد الأبوين هما المسؤولان الحصريان على التربية، أما بخصوص الموظفة التي تترك ابنها في حضانة الأطفال، فمادام الطفل سينشأ على يد المربية فلماذا لا يتزوج الرجل المربية مباشرة مقتديا بكوكب اليابان.
فالنفاق الذي أصبح يطبع التربية المعاصرة، هو معقل جميع الأمراض الاجتماعية الأخرى، فمثلا نجد الطفل متأدبا في المنزل لكنه يسرف في تلفظ الكلام النابي في الشارع، أي يحس أن وطنه هو منزله الصغير، ولا يحس أن منزله هو وطنه الكبير. لكي تتسع رقعة هذه السلوكيات لتصل لأحد معاقل الحضارة ألا وهي المدرسة، فالمدرسة للأسف يجب تعود للتربية التي كانت تربيها في ظل تنكر الأسرة لواجبتها في التربية، لأنه لا مدرسة بدون تربية ولا تربية بدون مدرسة.
فمؤخرا أصبحت تطفوا ظاهرة تعكس النفاق التربوي بشكل كبير، فأصبحنا نصادف كثيرا في الشارع أن أحد الأمهات تسير بلباس محتشم ومحافظ، وبجانبها ابنتها باللباس المتبرج إن لم يكن لباسا فاضحا. فإذا ما درس باحث غربي في علم الاجتماع هذه الظاهرة، فحتما سيصاب بالجنون، فليس لهذه الظاهرة سوى تفسيران فقط. السبب الأول هو أن للأم رغبة في التبرج أكبر من ابنتها، لكنها كبرت عن الموضة، كون إتباع الموضة لا يتناسب مع صورتها النمطية لدى أقاربها، بالتالي إرادة تفجير تلك الرغبة في ابنتها، وإما للسبب الثاني الذي نجد فيه أن من حسن حظ الأم صادفت جيل حافظ عليها بتضيقه على هذه السلوكيات، بالتالي نستنتج أن البنت عاق ومتمردة في بيتها، وخروج أمها معها حل وسط كي لا تنساق وراء شيء ما. وهذا التباين بين الإباء والابناء مؤشر حقيقي لمرض وتسرطن الأسرة.
ونجد أيضا أغلب دول العالم الثالث من أدنى الدول في التحصيل العلمي بالمستويات المدرسية والجامعية، بسبب هذا النفاق الذي يمتد ليؤسس للغش المدرسي وتسول النقط، وعدم اكتراث المتمدرس للتعلم أصلا، عبر هروبه من الأسرة بالمدرسة، ثم هربوه من المدرسة بالشارع، ثم هروبه من الشارع ليعود للأسرة، وهكذا يستمر في خوض هذه الحلقة المفرغة. وللإشارة فليس من الضروري أن يكون للأبوين التعليم الأكاديمي والشواهد العليا لكي يتوفقوا في تربيتهم، فحسب وزارات التعليم الأولي يكفيهما من التعليم أن يكونا حاصلان على شهادة البكالوريا، ليكونا مؤهلان لمساعدة ابنهما دراسيا وإداريا، أما عند وصوله الإعدادي فسيكون له ما له من الإدراك ليفهم ويتحمل مسؤولية أغلب قراراته، كالتوجيه مثلا.
فلقد أصبحنا نجد حتى الأجداد اليوم عوض تربية أبنائهم المقبلين على الزواج على كيف التفاهم، وعلى كيفية إدارة التنازلات الصحية بطريقة صحيحة، نجدهم يفعلون العكس. ويشحنونهم بطرق عن كيفية محاصرة الطرف الاخر وإخضاعه، في صراعات تشبه الصراعات السياسية بين حزبين في تحالف تنفيذي، الحزب الأول من أقصى اليمين والحزب الثاني من أقصى اليسار، ولا أحد منهما يريد التنازل عن جزء من برنامجه، أو تجميد إحدى مبادئه مؤقتا. لذا يمكن القول إن التربية لا تحتاج من التعليم سوى القدرة على الكتابة وفهم المقروء، لكنها بالمقابل تحتاج الكثير من الوعي التربوي والأخلاقي العالي جدا. لذا يجب تأطير دورات تكوينية للمترشحين للزواج لضمان تنشئة مستحسنة على الأقل، دون نسيان التكوين المستمر فسيكون أحسن، أحسن من ترك الأباء يعاملون الأبناء كفئران تجارب للنظريات التربوية. وهنا أأكد رأيي في أن التعليم واجب على كلا الجنسين، لكن فيما يخص التوظيف يجب أن تكون الأولوية القصوى للرجل، لأن التربية في عصرنا الحديث لا يمكن أن تكون بالأمية والجهل. وفي الحقيقة يجب اعتبار معدلات المرأة المتعلمة، لتبين هل الجهد كان موجها للدراسة أم لشيء آخر وأن الدراسة مجرد غطاء.
دون نسيان ابتعاد الأم الموظفة عن الابن يؤدي إلى إحداث خلل في مفهوم الأمان لدى الطفل، والذي يتبعه نقص في العواطف والمشاعر، فهو لا يستوعب أن أمّه التي تزوّده بالحنان ذاتها التي تغيب عنه لساعات، فيصاب بحالة من الانفصام النفسي، والتي تظهر أعراضه أكثر في مرحلة المراهقة. أما عند وضع الطفل في مراكز الحضان، فإن الطفل في هذه المرحلة من طفولته لا يستوعب المعنى والدور الأصلي للقائم على التربية، ولا يتخلى عن فكرة أنه بين يدي شخص غريب في بيئة لم يعتد عليها وما يزيد حدة الاضطرابات الناتجة هو تركه لساعات طوال، مما يؤدي لإصابته بصدمة نفسية، ينجم عنها من قلة ثقة الطفل بوالديه، في ظل شحّ الرعاية والاهتمام. ونجد لدى الغرب الذي يحصد الان نتائج نموذجه المجتمعي أن هذه العوامل من أهم أسباب رمي الآباء في دور العجزة، كون ذلك أصبح بمثابة حتميات اجتماعية، وأيضا لقلة الذكريات التي تكون على شكل مواقف وذكريات محفوظة لدى الشخص البالغ.
المرأة والأسرة، والعنوسة.
في المغرب على سبيل المثال نجد أكثر من 8 ملايين عانس، والعانس في الحقيقة ليست فقط الفتاة التي وصلت سن الزواج ولم تتزوج بعد، بل هي أيضا تلك الفتاة التي تزوجت وطلقت باكرا. فنجد هذا يترتب عنه عدة ظواهر غريبة أحيانا ومفاجئة أحيانا أخرى، كالتبني القهري للحيوانات الألفية لإشباع غريزة الأمومة ولتقليل حدة القلق والتوتر، أو السطو بطريقة لطيفة على أطفال الأقارب ومحاولة الاهتمام المفرط بهم كنوع من إشباع الأمومة.
وأيضا من أهم الأعراض نجد التبني لنوع من العدوانية تجاه النساء المتزوجات مع محاولات لافتعال المشاكل الزوجية لهن، وهذا يحدث كطريقة لتغذية عقدة النقص، وكأسلوب دفاعي لإيهام النفس على أنها على حق، وصواب وأنها جنبت نفسها معركة وخسائر كبرى، مع أعراض كالتعلق المرضي بالأب أساسا وبالأخ أحيانا، كأنها تقول للمجتمع ليس هناك غاية من وجود رجل اخر في حياتي، فأنا لي أبي وأخي يهتمون بي ويقومون بي.
وأيضا يلاحظ الميل نحو الانطواء والانعزال والتمرد على الأسرة، وعلى المجتمع بوجه عام. وكل هذا يكون من موقع دفاع عن النفس، رغم أن العانس في هذه الحالة تظن نفسها في موقع قوة وحكمة وحداثية، وأنها ليست مطالبة بالتبرير. حيث يلاحظ اعتناقهن اللباس والحلي والزينة المستفزة، وهذا ليس بالصدفة، فعلم النفس يأكد أن لا شيء يأتي من الفراغ ولا شيء يذهب إلى الفراغ.
ونجد هذه السلوكيات تطغى على المظهر العام للمرأة، ويمكن أن تظهر من بداية المراهقة، أي يمكن الاستنتاج أن المراهقة لدى الإناث والذكور هي ذلك الاندفاع الغريزي المتهور الأولي لإيجاد شريك الحياة. ونجد هاته العوانس تتكلمن بصيغة التحدي كثيرا، حيث تقول مثلا ألبس هكذا لأنه لم يعد هناك رجال، والرسالة هنا كأنها تقول المجتمع ظلمني لأنه لم يوفر لي رجل، بالتالي المجتمع ليس معنيا بالطريق التي سأسير فيها صالحة كانت أم سيئة، ويلاحظ أيضا اندفاعات مرضية في محاولة لتقمص الرجولية، في السلوكيات والعادات وفي ارتياد الاماكن التقليدية لتواجد الرجل كنوع من إثارة الاهتمام، وأيضا كنوع من التحدي لشعور عميق بالهزيمة.
وما يؤكد هذه الرغبة في إثارة اهتمام بدافع مادي لدى هذه النوعية، هو الأحكام المتقلبة والجاهزة لعدة ظواهر، فمثلا الشخص إذا كان فقيرا فقد يسمى متحرشا ومغتصبا، أما إذا كان غنيا فيسمى متغزلا وإن زنوا فعفى الله عما سلف.
فإنه من الخطير ترك الدول لظاهرة العنوسة تنخر وتسوس المجتمع، فيجب تأطير العوانس تأطير صحيح لفهم أنفسهن وما تتطلبه المرحلة، فيجب محاولة الحفاظ عليهن ليس فقط لأزواجهن بل لأطفالهن الذين سيكونون مستقبل البلد، لأن هذه النزعة التمردية قد تلازمها مدى الحياة، وقد تجعلها تسقط في أخطاء فادحة ومدوية. ويلاحظ أن هذا يجعل الأنثى تنزع للتعدد العاطفي أكثر من الرجل، ما قد يرفع معدلات الخيانة والزواج الميكانيكي. بالتالي رفع معدلات الصدمات النفسية للأطفال السالف ذكرها، ما يجعل العالم يشهد حشد للطيف الأنثوي أكثر من الذكوري.
بالتالي لا يجب ترك المجال للنسوية العالمية أن تطبع مع العنوسة، وأن تتمادى في هذه التجاوزات العاهرة، وتفرض الذياثة القاتلة على الرجل، فعلى الدولة التدخل بالتي هي أحسن لإيقاف تزيف الشرف والعفة، على ضوء الحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيكونُ في آخِرِ أُمَّتي رجالٌ يَركَبونَ على سُروجٍ كأشباهِ الرِّحالِ، يَنزِلونَ على أبوابِ المسجدِ، نساؤُهم كاسياتٌ عارياتٌ على رؤوسِهِنَّ كأسنِمةِ البُختِ العِجافِ، العنوهُنَّ فإنَّهُنَّ ملعوناتٌ، لو كانت وراءَكم أُمَّةٌ منَ الأممِ لَخدَمَهُنَّ نساؤُكم كما خَدَمَكم نساءُ الأممِ قَبلَكم.”، وهذا حديث إسناده حسن. فعند الجزر ضد تبرج المرأة يمكن المرور لتأديب وترويض ظاهرة التحرش لدى الرجل، وعندها يمكن توقع نتائج جد حسنة، فالعلاج يبدأ في الحد من الأسباب.
فإسكاتنا تحت حكم الرجعية يفتح الباب للنسوية لتمرير أجندات ورسائل للانتقام من الرجل ومحاولة تشويه جميع بطولاته التاريخية، ونجد هذا يتم تحت مسمى الدفاع عن حقوق المرأة، رغم أن أغلب هذه الحقوق التي تناضل من أجلها، حقوق للإنسان ككل وليس فقط للمرأة، وهي حق للرجل والمرأة والطفل بل حتى الحيوان والنبات وجميع الكائنات. وليس من الصدفة أن نجد أن أغلب المندفعات من النسويات عوانس، ما يطرح سؤال جدية الاقتناع بالقضية لدى هاته النسويات، والإجابة في الحقيقة هي لا، ففي الواقع عند الزواج نجد العوانس تتبرأن من القضية النسوية تبرؤ الذئب من دم القميص، ما يُظهر أن النسوية تجد في العوانس حاضنا ممتازا، كونها تغذي لديهم تلك الرغبة في الاهتمام والخروج من قفص الاتهام، وتستغل اندفاعهم وطاقتهم الشبابية شر استغلال.
لهذا يجب مواجهة التنظيمات النسوية المتمثلة في جمعيات حقوق المرأة، بتنظيمات ذكورية تحت مسمى حقوق الرجل، فمن الضروري احداث جمعيات وهياكل بالمنظمات والأحزاب خاصة بالرجل لتدافع عنه، وأيضا لموازنة الخطاب النسوي الذي يحرض ضده، ومواجهته بالروح والخطاب المؤسساتيين التي تقوى بهما الخطاب النسوي.
دون أن ننسى ظاهرة التلاعب بمفهوم الرجولة حسب هواهن وبشكل يناسب مقاسهن، لرفع القيمة السوقية فيما يسمى سوق القيمة الجنسية smv، وهو معيار أحدث ليدرس قيمة الشخص بالنسبة للجنس الاخر، حيث نجد الوقت يلعب ضد المرأة بشكل خطير بينما الرجل لا يتأثر كثيرا، حيث حسب هذا المقياس معدل قيمة المرأة يكون فوق 10/5 خلال المرحلة العمرية من 14 سنة إلى 30 سنة، و حسب المقياس المرأة تصل قيمتها للمعدل الذهبي، بين 16 سنة و24 سنة، لينزل المعدل بشكل رهيب حتى يصل 10/2 عند الوصول لعمر 36 سنة، بينما لدى الرجل يكون معدله من فوق 10/5 من 20 سنة إلى 45 سنة، لتصل قيمته للمستوى الذهبي بين 24 سنة و38 سنة، ولا ينزل المعدل ل 10/2 إلا عند وصوله سن 47. فحسب هذا المعيار فالأضواء تكون مسلطة على المرأة لمدة 16 سنة فقط، بينما نجد الرجل تحت الأضواء طوال 25 سنة.
ومن خلال تحليل أعمق للأرقام يمكن استنتاج أن النساء أكثر تنافسية بينهن مقارنة بالرجال، وبربطها بتحليل الواقع نجد أن المرأة تميل للتزاوج الفوقي، أي لا ترضى إلا برجل أعلى منها من ناحية الموارد المادية ومعدل مقياس smv، وكلما قل معدل smv خاصتها تحديدا بعد 25 سنة تبدأ في تقليل شروط الزواج أو الدخول في التزام عاطفي بشكل متسارع، وكلما تقدمت في العمر نجدها تميل للالتزام الطويل المدى أكثر مما سبق كنوع من التدارك، أي نرجع لنتأكد من حقيقة أن توظيف المرأة واستهلاكها للصناعة الدرامية الحالية، يزيد من فرص العنوسة عبر الزيادة من وقت انتقاء شريك الحياة، بسبب رفع سقف الطموحات بشكل غير واقعي والذي لا ينزل للمستوى الذي يتناسب مع الواقع، إلا بعد فوات أغلب الأوان. بالتالي يترتب على هذا زيادة القلق العام لدى المرأة، والتشجيع على عدة ظواهر كزواج القاصرات لبساطة الشروط وقلة المتطلبات الثانوية، والحل هنا ليس منع زواج القاصرات بل إصلاح المرأة، لكي يغتني الرجل عن الزواج من القاصرات، لذا يجب التقليل من التوظيف الغير ضروري للمرأة، لأن فعل ذلك سيتحقق عشرات الأهداف في أسرع وقت وفي آن واحد، كمشكلة كالشيخوخة المتقدمة للآباء في بداية شباب الأبناء، أو على الأقل التشجيع على الزواج بالإجبار بطريقة ناعمة وخفية تستثمر الفترة الذهبية لكل من الجنسية، بدل الدخول في دوامة معالجة الأضرار الجانبية للحل الأخير الذي جاء لحل الأضرار الجانبية للحل الذي قبله، وهكذا…
فيجب الرجوع للقوامة الحقيقية بشكل ينهض بالأسرة، وفي نفس الوقت بشكل لا يضيق على الروح القيادية للقوامة، التي حافظت على تاريخ المسلمين من هذه المهازل التي أصبحن نعيشها. كما أن على الرجال الالتزام بعدم دخول علاقات عاطفية خارج إطار الزواج، مع ضرورة العودة للتنديد بأي علاقة عاطفية او غير شرعية معلنة، كنوع من التآزر والضامن الاجتماعي، لأن الرجل هو الوحيد الذي يدفع في العلاقات الشرعية والغير شرعية، بسبب دفعه لضريبة الفشل العاطفي والأسري للمرأة اثناء الزواج، وأيضا يدفعه في العلاقات الغير موثقة على أغلب المستويات، فتوجد دراسة أكدت على أنه بين %25 إلى 34% من النساء تخرجن للمواعيد فقط للأكل ولا لشيء اخر.
ونجد أن أغلب ممارسات هاته العوانس أو المندفعات تدحض مزاعم مجهوداتهن لعدم النظر للمرأة كجسد، وخصوصا أن الترسانة الإعلانية تؤكد عكس هذه المزاعم، فمنذ مطلع السبعينيات نجد أغلب الإعلانات التي يتم الإشراف عليها من طرف مئات علماء النفس والاجتماع والأعصاب، تحمل عبارات كإفراضي وجودك بجمال شعرك، أو أثيري الحضور برائحة عطرك، أو أظهري قوتك بأظافرك، والكثير من الأشياء من هذا القبيل. والعجيب أن مبيعات هذه المنتجات تعرف ارتفاعا صاروخيا عند تبني الشركات المصنعة لهذا الخط الإعلاني، ما يؤكد أن هذه الخطاب يستثمر ويشبع الرغبات العميقة للمرأة.
فنجد هذه الممارسات تتسبب في احتقان وكبت جنسي خطير، الذي يؤدي لتفريغ هذا الكبت بطرق خطيرة وغير صحية أو حرام أصلا. ما يسبب عدة مشاكل وكوارث للصحة الجنسية للطرفين، خصوصا الذكور، وللمفارقة فعند زواج هاته النسويات نجدهن يشتكين من مشاكل جنسية هن من تسببن فيها بشكل رئيسي عبر هذه الممارسات، وكمؤشر عن الاضطراب النفسي-الجنسي فإنه حسب إحصائية نشرت سنة 2015 من طرف موقع postober، نجد العديد من الدول الاسلامية من متصدري مؤشر مشاهدة المواقع الإباحية، أي يوجدون ضمن 10 الأوائل عالميا، ومعروف التدمير الكارثي الذي يسببه استهلاك الإباحية في الجهاز العصبي والعلاقات الاجتماعية والعلمية والمهنية، لذا وجب اتخاذ التدابير اللازمة للحد من ترويجها واستهلاكها، مع كبح من النوايا تريد جعل الرجل سجين للإباحية. وكمثال اخر عن الكوارث الاجتماعية والإنسانية نجد معدل أطفال الزنا بالمغرب يقارب من رقم 56.000 طفل سنويا، وهذا الرقم هو فقط الرقم الرسمي أو المرصود. ولأننا دولة إسلامية، فمن المفروض أن حالة زنا واحدة كفيلة بأن تسبب بحالة استنفار كبيرة، فما بالك بحمل ناتج عن زنا، فما بالك 56.000 طفل سنويا ناتج عن الزنا.
وفي ظل غياب معطيات رسمية حول حالات الزنا بالمغرب، فنحن سنجتهد في توقع بعض الأرقام عبر المعادلات التالية:
المرتكبون للزنى سنويا=2(عدد أطفال الزنا ÷ إمكانية نتوج حمل عن زنا)، فنجد عدد الزناة سنويا=2(56000÷%15)= 746666 شخص. بينما عدد حالات الزناة الجدد سنويا=2(نسبة النمو الديموغرافي كل سنة(عدد أطفال الزنا ÷ إمكانية نتوج حمل عن زنا))، فنجد ما يقارب 15000 شخص هو عدد حالات الزناة الجدد سنويا.
أي سنويا 747 ألف هو عدد حالات الزنى، بينهم 15000 شخص يزني لأول مرة، أي كل عشر سنوات يتم الوصول ل 7.5 مليون حالة زنا و150 ألف شخص يزني لأول مرة. حيث استخدمت هنا نسب تقريبية، كنسبة لإمكانية حدوث حمل غير شرعي، فكلما قلت نسبة حدوث حمل ناتج عن علاقة غير شرعية زاد عدد حالات الزنى، وأيضا نسبة النمو الديموغرافي، التي يقدر متوسطها في %2، كرقم تقريبي متناسب مع معدل الإقبال على الزنا، مع إمكانية تكرر نفس الشخص عدة مرات في الأرقام أعلاه.
فهنا لا يجب أن ننساق وراء النموذج الغربي للأسرة والمجتمع، فذياثتهم وعهرهم الذي ابتدعوه ملزمة لهم كرهبانيتهم التي سبق وابتدعوها، لأن تبنينا لنموذجهم سيكرس فقط التبعية والعهر والدياثة، وأنا أعرف روح العهر هي عندما يتم البدء بتقييم صحة الفعل أو الوضع انطلاقا من المصالح واللذة المادية الذي يدرها على الشخص، دون أي اعتبار للجوانب الأخرى كالبعد الأخلاقي والاجتماعي والديني إن وجد، ما يجعل العهر قد يتبنى من طرف الجميع. وخير دليل ما يذاع ويتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، بمحض الإرادة الكاملة لأصحاب المقاطع التي تؤول لكونها تافهة أحيانا أو شبه إباحية. بينما النماذج الغربية البيداغوجية، الطاقية، الزراعية، التكنولوجية، العلمية وغيرها من النماذج العديدة الأخرى التي فعلا سنجني ورائها جودة الحياة، فإننا نشتريها كدول عالم ثالث بالملايير من العملات الصعبة ومئات الالتزامات المقيدة لسياساتنا، والكثير من الجهد والإجهاد.
فالواقع يؤكد على أن الأسرة لا تستمر إلا بالرجل الذي يندرج لديه تحقيق الأسرة ضمن تحقيقه ذاته وأحلامه، وبالمرأة التي يندرج تحقيق ذاتها هو تحقيقها لأسرة طبيعية وصحية، أي يجب العودة لإلزام المرأة بإرادة الأسرة ولقيامها بأدوارها المجتمعية، ولإلزام الرجل بإرادة المجتمع وللوفاء بالتزاماته الأسرية.
المرأة والأسرة وضرورة المأسسة والتنظيم.
إنه لمن الضرورة الملحة أن يكون لكل أسرة قانون أساسي وتنظيمي يؤطره القانون العادي، ويجب أن يكون مبنيا بإرادة الزوجين، وأن يكون بناء هذين القانونين تحت إشراف مساعدين اجتماعيين وقانونيين مختصين في قضايا الأسرة.
حيث أظن أنه سيكون لهذه المأسسة المحلية دور هام للحسم في النقاشات التافهة التي تشوب الحياة الزوجية قبل أن تصل للقضاء، لأنه للأسف في جيل الطلاق هناك عيب واحد هو الأكثر تأثيرا. وهو عدم القدرة على الالتزام، وهو أيضا ما يعكس فشلا عاما في الحياة، كعدم القدرة على الالتزام الذهني والعقلي في الدراسة، أو الرياضة والحمية، أو التدين، أو العمل، حيث أصبح الشاب الان لا يستطيع الاستمرار حتى في إكمال مشاهدة محاضرة أو معلومة تهمه إذا ما تجاوزت 15 دقيقة، إلا تحت الضغط.
فكل هذا التطور التكنولوجي والحضاري خلق لدينا نوع من قلة الصبر والاتكالية وضعف التكوين والشخصية، نظرا لاستغنائنا عن واقعية فرص التفاعل الاجتماعي والحياتي المسؤول. هذه الاتكالية التي تُطبَع في جميع سلوكيات الشخص، بالتالي لا يمكن ردعها إلا بتأطير قانوني صريح وموضوعي ودقيق ورادع للمماطلة، وهذا ما قد يكون حاجزا أمام الادعاءات التي تكون عند تبرير الطلاق. فالزواج التزامات وتنازلات. فهل يمكن مثلا للطالب أن يقول في منتصف السنة الجامعية: أنا لم تعجبني هذه الشعبة، وأنا لست مرتاحا لها، وأنا في طريق والمؤسسة في طريق، والله سيعوضني بخير منها والمدرسة سيعوضها الله بطالب أخير مني. طبعا لا، لأن هناك شيء إسمه الالتزام، وعليك إصلاح نواقصك لكي تكمل الطريق، لا أن تبقى بنواقصك ولا تكمل الطريق.
فليس الحب هو من كان يجعل الزواج يطول بل القدرة على الالتزام والظروف التي كانت تفرضه، فلولا الالتزام لما كانت أغلب الأجيال الحالية موجودة، وقد نتفق أن فرض هذا الالتزام كان يكون عبر طرق خاطئة وغير صحية، لكن كنا نضمن الشيء أهم وهو الاستقرار الأسري، لكن التخلي عن هذه الطرق التي تفرض الالتزام دون بدائل، نجده يؤدي لأخطر شيء على الأسرة والمجتمع، ألا وهو عدم الاستقرار، وأيضا ما ساهم في زعزعة الالتزام العاطفي الطويل المدى هو التساهل مع العلاقات العاطفية الغير مضمونة، أي العابرة، وهذا ما يتسبب في جعل الدماغ يقع في لبس عند الزواج، كونه روض على البحث سريعا عن بديل عند تبدد هرمونات الحب، التي حسب اغلب التجارب تستمر من 3 أشهر حتى 36 شهر، نظرا للملل والروتين وغياب الغموض وغياب المفاجئة واختفاء الأهداف. فيجب التدرب على جعل الحب صادرا عن الاهتمام لا أن نجعل الاهتمام ناتجا عن الحب، لأن الاهتمام نقدر على التحكم به وصناعته، بينما الهرمونات بنسبة كبيرة لا.
ولأن الزواج يتم النظر إليه من طرف كلا الطرفين نظرة مادية، فمن الضرورة كبح التصاهر السريع للذمة المالية للزوجين، أولا بوضع سقف موضوعي لجميع الالتزامات المالية القانونية والشرعية التي يتعهدها الرجل بداية الزواج، كنوع من تفادي القرارات المالية التي تكون تحت رعاية الحماس العاطفي خلال أول ست سنوات، مع ضرورة المصادقة عليها من طرف القضاء، مع ضرورة الرجوع للالتزامات السابقة قبل هذا القرار المنتظر التي تمت في نفس الظروف، و اعتبارها التزامات تحتاج التجديد وإلا فهي باطلة، ثانيا عبر رقابة مالية وفرض سيولة أقصى وأدنى بين الزوجين، مع إجبار الزوجين على عدم الإنجاب في أول سنة كتقليل من خطر إقحام الأطفال في المعادلة، مع ضرورة الاتفاق على خطة لتحديد نسل وضمانها تحت إشراف من الدولة، مع ضمان كل السبل والأدلة الصحية والنفسية والفكرية والسلوكية لعدم وجود احتمال التفكير الجدي في الطلاق إلا بعد ثلاث سنوات، والجزر ضد أي طرف متلاعب بالمعطيات المكونة لملف الزواج الذي يجب اعتبار مصلحة الامن القومي للصحة الأسرية بمواجه استقرارها.
مع أخذ بعين الاعتبار ظاهرة التفالس العاطفي والوظيفي وافتعال المشاكل أثناء الزواج، التي يتم عبر استخدام أساليب التلاعب بالعقول المشهورة ب Gaslighting، الذي يعد نوعا من أنواع التلاعب النفسي الذي يمارسه شخص على شخص آخر، ما يجعله يشك في ذاكرته، وإدراكه، وسلامته العقلية، باستخدام الإنكار المستمر والتضليل والمناقضة والكذب. كما يتضمن التلاعب بالعقل محاولات لزعزعة استقرار الضحية وتشكيكها في إيمانها. الذي يؤدي إما لإذلال الطرف الاخر في بيت الزوجية أو دفع الطرف الاخر للطلاق، مع بقاء الطرف الممارس للأسلوب في موقع المظلومية. بالتالي التحايل على القوانين والأسباب الحقيقية للنزاعات.
مع الأخذ بعين الاعتبار سيكولوجية الاختبارات القذرة المتواصلة لدى الأنثى المتعارف عليها ب shit tests. والتي هي في الحقيقة ليس بتفالس، بل فقط اختبارات لا إرادية تقوم بها الأنثى لمعرفة مدى تمكن شريكها من بعض القيم والخصال، وهذه الاختبارات نابعة في الحقيقة عن اهتمام، أو تكون بسبب التقلبات الهرمونية المعروفة، والتي قد يفشل الرجل غالبا في كشفها والتعامل معها بشكل صحيح ما دام لا يقرأ وراء السطور ويتعامل معها بجدية جافة، لكي تتضخم في الأخير لمشاكل حقيقية معروضة على القضاء. لأن منطق التعامل مع هذه الاختبارات مختلف جدا مقارنة بمنطق التعامل الموضوعي الذي يستخدمه الرجل في المواقف العادية، ونعطي كمثال لهذه الاختبارات الطلب المفاجئ للطلاق، وهي محاولة لاختبار قدرة الرجل على الترك بشكل حافظ للكرامة، حيث تميل المرأة لصاحب عقلية الوفرة لأنها تعتبرها قوة شخصية، وأحيانا تقوم بهذا كنوع من طلب الاهتمام لا غير. أو الإصرار على الخروج بلباس مستفز كنوع اختبار الغيرة للرجل وتحريكها لديه. أو المقارنات الغير السوية والغير المنطقية مع افتعال المشاكل مع مختلف اهتمامات الرجل في الحياة، كنوع من طلب الاهتمام أو ضمانه، أو التنمر على الرجل كنوع من الاستفزاز، لاختبار مدى قدرته على فرض الاحترام عند احتياجها لذلك.
وهذا ما يجعلنا نجد احتمال استخدام التلاعب أكثر لدى الأنثى، نظرا للذكاء العاطفي الذي تأتي به من تجاربها العاطفية السابقة، لأنه في ظل انهيار القيم الأخلاقية والإنسانية، خصوصا الدينية التي هي الاكفأ في الحد من كل هذه السلوكيات، نجد غالبا قوانين مقياس سوق القيمة الجنسية smv تعمل بأفضل كفاءة لها، فعندما تركنا هذا السوق يخضع لقانون حرية العرض والطلب بشروط لا تعتبر احسن الخلق والسلوك ونية الالتزام الدائم، أصبحنا نجد الفتاة تُدفع بشكل مقلق للدخول للعلاقات العاطفية، حيث تزيد أمامها العروض المغرية ابتداء من 16 سنة حتى 24 سنة، بينما نجد الذكور تزيد فرصهم انطلاقا من 24 سنة حتى 38 سنة، وغالبا ما تنتهي هذه التجارب بالفشل، نظرا لعامل التنافسية بين الإناث، التي أصبحت مؤخرا تنافسية مرضية مع الأسف، والتي قد يكون مقصد الإسلام في التعدد هو أن يستثمر في هذه التنافسية، فنجد هذا الفرق العمري بين الفترتين الذهبيتين لكل جنس يؤدي لحرق مراحل كثيرة في ادراك الفتاة العاطفي والاجتماعي، الذي يرفع احتمالية أن يكون الرجل عند زواجه ضحية لهذا الذكاء العاطفي والاجتماعي المكتسب، الممزوج مع بعض الحقد على الذكور نظرا لتجاربها السابقة.
ففي ظل هذه الأفكار والعقليات، نجد مثلا في الولايات المتحدة العديد من الأرقام المرعبة، فبعض التقديرات تشير إلى أن نسبة الإقدام على الطلاق من طرف المرأة تصل إلى 70% تقريباً، وترتفع هذه النسبة إلى 90% في حالة السيدات الحاصلات على شهادات دراسية عالية. وما سمح بهذا التمادي هو كون الطلاق دون سبب أمر قانوني في جميع بقاع الولايات المتحدة.
خلاصة.
وختاما، أجدد التأكيد على أن مقالي هذا ليس بتحريض أو هجوم، بل مجهود متواضع مني بمثابة رسالة أممية للمساهمة في نقاش العالمي حول بناء مجتمع متكامل ومتوازن فالعالم بأسره، وهو أيضا محاولة موضوعية للتحسيس ضد التطرف النسوي الذي أصبح يهدد الرجل بتماديه في خطابه المتطرف، الذي قد يؤدي لإمكانية العصف بالمجتمعات المحافظة، هذا إن لم يعصف بتوازن الإنسانية كلها. وهو أيضا محاولة مني لتقييم السياسات الحديثة في ظل تقارب الاليات التي تتبناها الدول لتدبير قضايا وملفات الأسرة، وأيضا وعيا مني بواجبي الإنسي تجاه الإنسانية، الذي جعلني مضطرا كي أشارك برأي وتحليل أعتقد أنه هو الأنسب لتقدم الإنسانية، واستشهادي بالأحاديث والآيات لا يجعل من هذا المقال يرقى لفتوى، والأرقام أعلاه اخترتها لتدعيم طرحي هذا وكتطعيم للتحليلات والخلاصات المستنتجة، فقط لا غير.
فكما يتخوف العلماء من السرعة الكبيرة للتغيرات المناخية والإيكولوجية، يمكن استنتاج أن هذا التحول الاجتماعي السريع للجنس البشري هو تحول غير صحي بالمرة ونذير شؤم عليه، وأننا هنا يجب الوقوف في وجه الأخطاء التاريخية التي كانت مجرد أضرار جانبية للحروب العالمية، فنجد أن من الأضرار الجانبية لهذه الحروب تشكل بعض الحركات والتوجهات التي استغلت الفراغ الذي خلفه استهلاك الحروب للرجال، وقد تكون المرأة نفسها ضحية لهذه الظروف المغرية، فمعاصرة هذه الحركات لعصر التكنولوجية لا يجعل بالضرورة منها حداثية.
بالتالي الواقع الذي صنعته المرأة وتدافع عنه متفهم وجوده، لكن في نفس الوقت غير مبرر استمراره، ففي الواقع الظلم الحقيقي الذي تتعرض له المرأة يكون بسبب جنح وجنيات تكون مرفوضة بشكل صريح من طرف أغلب الأيديولوجيات والمرجعيات، بالتالي نستنتج أنه مهما تم فرض أنظمة جديدة لن تأتي بأي نتيجة، في ظل عدم القدرة على ضبط هذه الجرائم التي تكون من حظ المرأة والرجل على حد السواء، لذلك نجد في العالم بأسره إشكال حقوق المرأة يرجع بالأساس إما لعدم واقعية القوانين، أو لعدم تفهم المجتمع كيفية التعامل مع هذه القوانين، أو لعدم قدرة المؤسسات على الإنفاذ صحيح وبشكل يتصالح مع الروح الأصلية للتشريعات. لذلك أول خطوة لحل قضية المرأة هو نستوعب ان الجدوى ليست في الكمية أو السبق أو بلاغة النصوص التشريعية.
فواقع المرأة يجب أن يصلح اضطراريا من خلال تجويد الظروف التي ستساعد النساء أساسا في الرجوع لأصلهن كراعيات للأجيال، وفي نفس الوقت بشكل لا يكبح النساء ذوات الإضافة النوعية الحقيقية في احدى المجالات. وهذا يجب أن يتم عبر تشريعات وآليات لا تحرضها هي والرجل على الاكتفاء الذاتي وعدم المشاركة في الأسرة السوية، فالتمادي في هذا التحور المعوص لمعدلات القلق والكآبة في العالم لن يزيد سوى من مدة تعافي المجتمع الإنساني عندما يعود لرشده، فيجب إعادة النظر اضطراريا في مدونات الأسر على الصعيد العالمي قبل تكون احتقان ذكوري متطرف يرجع المرأة للاضطهاد من جديد، ليجعل هذا يُطبع لاستمرار صراع وتأرجح غير صحي بالمرة بين الذكورية المتطرفة والنسوية المتطرفة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة