إن الكلام عن مدينةٍ ذات تاريخ عريق لا يستهان به وذات مقومات طبيعية فلاحية، يُعتمد عليها لدى الساكنة المحلية السباقة لتعمير هذه الأرض المباركة ، هو كلام عن مدينة شامخة قاومت كل الظروف التاريخية والإجتماعية والإقتصادية لتبقى شامخة كما هي لأبنائها وللوافدين عليها لكن بتسيير هش أو غائب.
هي “بويزكارن” مدينتي التي ولدت و ترعرت بين ثنايا أزقتها القديمة بجمال المبنى العريق في بحي “إد بنسالم”، الذي يعد كتابا تاريخيا لم يقرأه المسؤولون بتمعن بل لم يكلفوا أنفسهم عناء النظر إلى غلافه الخارجي ورسخوا ثقافة الإهمال في الصغير قبل الكبير، حيي الضَّيق الزقاق والواسع الترحاب هو أقدم الأحياء في المدينة والذي بقي دائما قديما لتناسي المسؤولين لعراقة وتاريخ هذا الحي الشعبي.
في 10 فبراير ،ولدت بصرخة وبكاءٍ في هذا الحي وكان منزلنا بالجانب من المسجد العتيق (الذي يحتضر هو الآخر لأن كل شيء في مدينتي يحتضر من دين ومقدسات وحقوق وأسس المجتمع الحقيقي) ونفس الصرخة أرفعها في وجوه المسؤولين لكن بأعلى صوت وببكاء من دم على حال أعرق الأحياء بالمدينة وحال معلمة أخرى طالها التهميش ودائما بداخل السور القديم هي قلعة تتساقط جدرانها الخارجية، قلعة عُرفت بنضالها المستميت أيام دخول الإستعمار إلى مدينة بويزكارن هي قلعة تعرف بالامازيغية ب’اكور ن دالقايد’ أو ‘باب إد لقايد’, ولا تفوتني الفرصة أن أترحم على روح المقاوم الوطني القايد المدني الأخصاصي ومعه كل المقاومين الحقيقين ، وحال المدينة ككل ،كيف لا وهي على سوئها تتدهور بعد أن كانت في ما مضى جميلة لبساطة الماضي الجميل و إن ما أعيبه على مسؤولينا هو عدم مسايرة التطور الحاصل في مجموعة من المدن الحديثة النشأة ومابالك بالقديمة التي إرتقت إلى مستوى أفضل مما كانت عليه .
دائما بمدينتي بويزكارن لنلقي نظرة على حي أخر يعيش على إيقاعات التهميش والإقصاء ،تهميش مع سابق الإصرار وتَرصدٌ برؤوس قد تينع بها ليتم إقتطافها بكل الوسائل فمسؤولونا لا يبرعون إلا في ذلك ، في نشر الفتن بدل نشر التقدم بالمدينة ودعم الساكنة بدل قهرها بالقرارات العشوائية ، بعد حي إدبنسالم وأيت تمزكانت أو الأحياء التي يجمعها السور القديم (المهدم والمنسي)، سأخرج بكم أيها القراء الأعزاء إلى حي أخر والذي يحمل هذه المرة كثافة سكانية ضخمة ويحمل معها هموما ذات حساسية أكبر، هو حي المسيرة بشقيه 1و2 ،حي يعاني من كل أشكال التهميش والإقصاء والحرمان من حقوق ساكنيه، فلا ربط متكامل للحي بالصرف الصحي والإنارة العمومية وتقريب للخدمات العمومية ويعاني التفقير شأنه شأن حي ادبنسالم .
كانت هذه نظرة. مقتضبة على اثنان من أحياء المدينة الأكثر تهميشا والدليل على كلامي أن منازل بداخل ادبنسالم لا ضوء فيها لا ماء بل ولا حياة فيها إلا أرواح تعاني الويلات في زمن دستور جديد ومعركتنا مستمرة مع الجيل الاول من الحقوق وما بالك ان نصل الى الجيل جديد من الحقوق.
يتبع بتشريح أكثر …
عذراً التعليقات مغلقة