يبدو أن بعض المسؤولين في تزنيت يعانون من “عمى انتقائي”، فهم لا يرون الفقراء، ولا يسمعون مطالبهم، ولا يشعرون بوجودهم.. إلا عندما تدق طبول الانتخابات! على مدى 12 سنة، كان رئيس المجلس الجماعي الحالي رئيسًا للمجلس الإقليمي، ولم نره يومًا يقترب من الزوايا أو يفكر في الفقراء، وكأنه يعتبرهم مجرد تفاصيل هامشية في المشهد الانتخابي… أما الرئيس الحالي للمجلس الإقليمي، الذي قضى 6 سنوات نائبًا لرئيس الجماعة، فقد أظهر موهبة فريدة في الاختفاء عن الأنظار كلما تعلق الأمر بالفئات الهشة.
لكن فجأة، وبدون سابق إنذار، ها هو موسم “فقراء إداولتيت” يتحول إلى استعراض سياسي، حيث يظهر المسؤولون بابتسامات عريضة، وأيادٍ تُصافح، وكلمات منمقة عن التراث والهوية…. سبحان مغير الأحوال! السنة الماضية، رفضوا تجهيز ساحة سيدي بوجبارة بالصوتيات واللوازم الضرورية، ولولا ضغط المدونين، لما تحركوا… لكن هذه السنة؟ العطاء بلا حدود! لماذا؟ ببساطة، لأن الصناديق الانتخابية لا تمتلئ بالوعود فقط، بل تحتاج إلى بعض المشاهد المسرحية لإقناع الناخبين.
الحديث عن التراث جميل، لكنه لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا يحل مشكلة البطالة، ولا يخفض الأسعار. فلماذا هذا التباكي المفاجئ على موسم ديني لم يكن يعني لهم شيئًا طوال السنوات الماضية؟ وهل يملك رئيس المجلس الإقليمي الجرأة ليشرح لنا ماذا فعل طيلة ولايته، غير إغراق المدينة في الخطابات الفارغة؟ أم أن دوره يقتصر على الظهور في المناسبات والتقاط الصور التي تصلح لـ”البوستات” الفيسبوكية .
أما الردود الهستيرية على أي انتقاد، فهي دليل آخر على أن البعض يفضل أن يعيش في وهم الإنجازات، بدل مواجهة الواقع…. فهل أصبحت المطالبة بالتنمية هجومًا على المدينة؟ وهل صار من يطالب بتحسين أوضاع السكان يُتهم بعدم احترام الهوية والتراث؟ المدينة ليست مزرعة انتخابية، وأهلها ليسوا قطيعًا يصفق في المواسم الانتخابية وينسى بعدها كل شيء.
باختصار، كفى من استغلال الفقراء والزوايا كديكور سياسي، وكفى من صناعة الوهم.. الهوية لا تدفع فواتير الكهرباء، والبهرجة لا تسد جوع العاطلين، والتراث لا ينقذ التجار من الإفلاس. والسياسة، إما أن تكون لخدمة المواطن، أو تكون مجرد مهزلة أخرى في مسلسل الرداءة المستمر.
وكما قال عبدالله بن عيسى: “أخلف ربي أسكوطو”.
عذراً التعليقات مغلقة