في البدء لابد أن نعبر عن أسفنا العميق لما وقع مساء اليوم في مركز جماعة بونعمان، وعن كامل التضامن مع كل المتضررين أصحاب المنازل التي اقتحمت، المحلات التي خربت، المواطنين الذين عاشوا الرعب، والساكنة التي وجدت نفسها وسط فوضى لم تعهدها من قبل.
ما حدث اليوم سابقة خطيرة وغير مسبوقة في تاريخ الجماعة: شغب، عنف، تكسير، سرقة، واقتحام ممتلكات عمومية… وصولا إلى واقعة صعود بعض المشجعين إلى سطح المركز الصحي الجماعي دون إدراك للعواقب وحرمة المؤسسات، الشيء الذي ينبئ عن حجم الانفلات واللامبالاة.
الجديد اليوم أن أحداث الشغب الكروي لم تعد حكراً على المدن الكبرى كما كان يعتقد، بل بدأت هذه الظاهرة تتسلل بكل عنفوانها وصخبها إلى الجماعات القروية، ومركز بونعمان خير دليل على ذلك. واليوم، وبعد ما حدث، يبدو أننا أمام انزلاق اجتماعي متدرج، سينتقل لا محالة إلى المداشر والقرى إذا استمرت نفس المقاربات التي تعتمد على رد الفعل بدل الوقاية، وعلى الحلول الترقيعية بدل رؤية واضحة وحازمة.
مخطئ من يظن أن ما حدث اليوم مجرد لحظة انفلات أو تصرفات متهورة من مشجعين، بقدر ما هو حرس إنذار للعواقب الوخيمة التي ستتلو ذلك، وما أحداث الشغب المرافقة لاحتحاجات جيل زد ببعيدة، كما أن هذه الأحداث تسائل بشكل مباشر منهج الدولة في التربية، ودور مؤسسات الوساطة الاجتماعية من جمعيات وأندية وشباب ومؤطرين.
فغياب التأطير، وضعف التنشئة الاجتماعية المواطنة، وترك الحبل على الغارب للشارع، كلها مؤشرات على استقالة جماعية من المهام الأساسية التي كان يفترض أن تقوم بها الأسرة والمدرسة والمجتمع والدولة على حد سواء. أما من زاوية التدبير الترابي، فالأسئلة الثقيلة تفرض نفسها:
ما الجهة التي رخصت لإحراء مباراة بين فرق قادمة من خارج الإقليم في ملعب داخل مركز مكتظ بالسكان؟
وكيف سمح بتنظيم مباراة دون تقييم المخاطر ودون اتخاذ تدابير احترازية واضحة تمنع أي انزلاق نحو التخريب، والعنف، وانتهاك الممتلكات العامة والخاصة، والاعتداءات التي شهدها المركز؟
وبهذه المناسبة فإننا نؤكد—للمرة الألف—أن موقع الملعب الجماعي ببونعمان داخل قلب المركز، محاطا بالساكنة وبالمتاجر وقريبا من مؤسسات الرعاية الاجتماعية كدار الطالبة، إضافة إلى مقرات حيوية مثل الجماعة والقيادة… هو موقع غير مناسب إطلاقا ويشكل بؤرة خطر عند كل نشاط رياضي أو تجمع جماهيري.
لذلك، فإن الواجب اليوم يقتضي من جميع المتدخلين المحليين والإقليميين بذل كل الجهود لإيجاد موقع بديل خارج المركز—قريب بما يكفي، وبعيد بما يسمح بحماية السكان—مع تهيئة ملعب يستوفي شروط السلامة، والتجهيزات، والمرافق اللازمة لحماية اللاعبين والجمهور، وتوفير ظروف التدخل والإغاثة عند الحاجة.
وبناء على مل ماسبق، فإن الظرفية الحالية بعد الأحداث اللارياضية المؤسفة تستدعي بالضرورة ما يلي:
1- فتح تحقيق شامل في أسباب الحادث وظروفه، وتحديد المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة.
2- إحالة كل المتورطين على القضاء لترتيب الجزاءات القانونية وردع أي محاولة لإعادة هذا السيناريو.
3- تحميل المسؤولية للجهة التي رخصت للمباراة في هذا الموقع المتواجد بقلب مركز الجماعة، وفي ملعب غير مناسب أمنيا وتنظيميا.
4-تعويض المتضررين ماديا ومعنويا وتطمين الساكنة بضمانات واضحة بعدم تكرار ما جرى.
6- إعادة التفكير جذريا وجديا في موقع الملعب الجماعي ونقله خارج المركز بدل الإصرار على ترقيعه وتثبيته عبر اتفاقيات “العشب” التي ستضيع مزيداً من المال العام في مكان لا يصلح أساسا.
7- الشروع في إحداث مدرسة لكرة القدم لتأطير الشباب على الروح الرياضية والأخلاق قبل أي رهانات أخرى، لأن الوقاية تبدأ من التربية.













Sorry Comments are closed