عبدالله الخراز …«كلنا عارفين».. لكن لا أحد يشتغل

الوطن الأنساعة واحدة agoLast Update :
عبدالله الخراز …«كلنا عارفين».. لكن لا أحد يشتغل
عبدالله الخراز …«كلنا عارفين».. لكن لا أحد يشتغل

في السوق الأسبوعي “الخميس” لمدينة تيزنيت، لم يدخل التجار والمهنيون والفلاحون إلى فضاء للعمل، لكن وجدوا أنفسهم أمام فوضى عارمة. أزبال متراكمة منذ يوم الجمعة، تركت دون شحن حتى أفرزت عصارتها، وروائح خانقة تزكم الأنوف وتمس بشكل مباشر شروط السلامة الصحية وكرامة الإنسان. ما يحدث ليس خللا عابرا، بل نتيجة طبيعية لسوء تدبير مزمن وغياب واضح لتحمل المسؤولية.

وحين يطرح السؤال، يأتي الجواب الجاهز بلا حرج: الجرافة معطلة. عبارة تختزل منطق التدبير برمته. كأن مدينة بحجم تيزنيت، التي يقدم عنها خطاب “مدينة الثقافة والمهرجانات”، تدار بآلة واحدة، فإذا تعطلت تعطلت معها صحة المواطنين وأرزاق المهنيين. أي سياسة عمومية هذه التي تختزل في عطب تقني؟ وأي مجلس هذا الذي يرهن مدينة كاملة بجرافة؟

الأدهى من تراكم الأزبال، هو استقبال المهنيين للسوق في ظروف لا تليق بمدينة ولا بجماعة تجني مداخيل قارة من هذا المرفق الحيوي. إنارة فضاء الجملة شبه منعدمة، والنظافة غائبة، ورغم ذلك يطلب من المهني أداء واجباته كاملة، بل وأكثر من ذلك: واجب الدخول و المكوث (الأرضية) في آن واحد وهذا موضوع آخر سنرجع اليه. تطالب الجماعة بحقوقها، لكنها تتنصل من واجباتها.

وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تحظى هذه المرافق المنتجة بالأولوية، يوجه الاهتمام بسخاء نحو المهرجانات والأنشطة الاستعراضية. تصرف الميزانيات على الصورة والفرجة، بينما تترك المرافق التي تضمن الأمن الغذائي وتغذي مالية الجماعة في وضع مزر. أي ترتيب هذا للأولويات؟ وأي رؤية تنموية تقدم الاحتفال على الصحة، والشعار على الفعل؟

ما جرى بالسوق الأسبوعي ليس مجرد إهمال إداري، بل فشل سياسي في تدبير الشأن المحلي. المجلس الجماعي مطالب بتفسير كيف تترك الأزبال لأيام، وكيف يشل عطب آلة واحدة مرفقا حيويا، وكيف يهمل سوقا يشكل العمود الفقري للاقتصاد المحلي.
وخلال الحملات الانتخابية، رفع شعار «كلنا عارفين». نعم، هم يعرفون: يعرفون حجم الاختلالات، ويعرفون معاناة المهنيين، ويعرفون ما يحتاجه السوق والمدينة. لكن ما لا نراه هو العمل. فالمعرفة دون فعل لا تدبر مدينة، والشعارات دون إنجاز لا تنظف سوقا ولا تضيء فضاء.

المواطن التيزنيتي لم يعد يقبل الأعذار الجاهزة، ولا ينسى الوعود التي قدمت له. الذاكرة حاضرة، والوعي قائم. فإما أن يتحول “عارفين” إلى فاعلين، أو يتحمل المجلس الجماعي كامل مسؤوليته عن هذا الإخفاق.

Comments

Sorry Comments are closed

Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
    Breaking News