الخطر الحقيقي الذي يهدد المغرب:
صادفتني، وأنا مستمر في الكتابة عن مراوغات حكومة الثامن من شتنبر، تدوينة مطولة لإحدى برلمانيات الحزب الاغلبي، عنونتها ب : “العدالة والتنمية أكبر خطر يهدد المغرب، وعلينا دق الناقوس عاجلا” ، وهي بالمناسبة احدى البرلمانيات التي حملتها دماء مجزرة 08 شتنبر، شانها شان باقي الكتكوتات والكتاكيت — نسبة الى صغار الحمام — الذي هو الرمز الانتخابي لهذا الحزب البئيس.
هذه البرلمانية المدللة، والتي لم تختبر بعد دواليب السياسة ولا شعابها، أخذت تسترسل في ذكر دلالات وعبر ذكرى التاسع من مارس 2011، عندما خطب صاحب الجلالة معلنا عن الخطوط العريضة لدستور 2011. والذي جاء في خضم حراك شعبي، في اطار ما يسمى بحركة 20 فبراير، هذا الحراك الذي حمل صور بعض رموز الفساد والتحكم، مطالبا برحيلهم، ومن هؤلاء الرموز، رئيس الحزب الذي تفتخر البرلمانية المعلومة بالانتماء اليه.
ونهمس في أذن البرلمانية الطفلة، أين كان زعيمها أنداك، وأين كانت جل قيادة حزبها، بل أين هو حزبها مما يقع في البلد؟ لماذا هربوا الى خارج الوطن تاركين الشارع يغلي؟
وإذا كان خطاب 09 مارس خطاب مبشر بمغرب جديد، مغرب الديمقراطية والتقدم والازدهار، كما تقول سيادة البرلمانية، — وهو كذلك –، فلماذا لم يستفد حزبها أنداك من رياح هذه الديمقراطية؟ ولماذا فضل زعيمها الحالي الاستقالة من الحزب والعمل السياسي، مقابل حقيبته التي يحبها الى درجة الجنون؟
ونعود لحراك 20 فبراير لنقول لهذه البرلمانية المتعلمة، أن هذه المظاهرات، لم تتوقف الا بعد تنصيب الحكومة بقيادة الأستاذ عبد الاله بنكيران، أي عندما اطمأن الجميع أن أصواتهم في أيدي آمنة تقدر حقها، وبالفعل مرت خمس سنوات من العمل والتواصل المباشر والصريح مع المواطنين، رغم كل العراقيل والضرب من تحت الحزام، التي تأتي من هنا وهناك، وتوج كل ذلك باستحقاقات 2015 وبعدها 2016 التي أعطت الصدارة لحزب العدالة والتنمية، كجواب من المواطنين على كل من سولت له نفسه النيل من ارادتهم.
هذه النتائج التي أصابت الجهات المعلومة بالسعار، فقامت بتوظيف أذنابها وأدواتها لتنفيذ مهماتها القذرة، ومن هذه الأدوات زعيمها الذي أنزلوه بالمظلة على حزبها الجريح، فقاده، وقاد معه أربعة أحزاب أخرى في أكبر بلوكاج عاشته بلادنا، بغرض اسقاط الحزب الذي رفعه الشعب، والقصة يعلمها القاصي والداني.
ولكن، ما لم تعلمه البرلمانية المدللة، أو تحاول أن تراوغ كما يفعل أسيادها في الحزب، أن حزب العدالة والتنمية لم يبدأ يفقد قوته، ويخفت صوته الا عندما اختارت قيادته السابقة التموقع مع قائد البلوكاج والرضوخ لشروطه وابتزازاته ضدا على الإرادة الشعبية وإرادة أغلبية مناضلي الحزب، وهو ما أسقط الحزب في مسلسل من التنازلات المستمرة، والتي انتهت بالإجهاز على المسار الديمقراطي، بالتصويت على قوانين انتخابية تراجعية، افرغت العملية الديمقراطية من محتواها.
أمام هذا التراجع الخطير للمسار الديمقراطي، ومعه ارتفاع درجة اليأس من العملية الديمقراطية والعزوف عن المشاركة الانتخابية، برزت ديمقراطية المال والشكارة، حيث قاد هذا الحزب البئيس أكبر عملية شراء للذمم في تاريخ المغرب، انتهت بمجزرة 08 شتنبر التي يفتخرون لحد الآن أنهم فازوا فيها، كالعدو الذي ينتشي بانتصاره على شعب أعزل بإمعانه ذبحا وتقتيلا بدم بارد، كما هو ذأب الجبناء.
ونتساءل في الأخير مع سعادة البرلمانية المبتدئة: من الذي يشكل خطرا على الدولة؟ هل هو الحزب الذي يحترم الإرادة الشعبية ويلتزم بقواعد اللعبة، أم الحزب الذي يجمع في صفوفه كل تجار وسماسرة الانتخابات وأباطرة المال، ويستعمل كل الوسائل غير المشروعة لشراء أصوات البسطاء وافساد العملية الانتخابية؟
من الذي يعد خطرا حقيقيا على الدولة؟ هل الحزب الذي أمن الجميع في عهده لمدة عشر سنوات، أم الحزب الذي استشرى الغلاء في جل المواد، منذ بداية توليه رئاسة الحكومة، وأكثر المواد غلاء هي المحروقات التي يبيعها رئيس الحكومة، وزعيم هذا الحزب البئيس؟
أليس الخطر الحقيقي، هو من يمَكّن اليوم للكيان الصهيوني الغاصب من خيرات البلاد بتوقيعه اتفاقيات التطبيع في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والفلاحية على وجه الخصوص، وما الكوارث التي ارتكبوها في الجارة المصرية عنا ببعيد.
والمخجل في حالة هذا الحزب البئيس، والمضحك من تدوينة أنها تدافع عن رئيس حكومة هو في نفس الوقت تاجر المحروقات التي اكتوى المواطنون من نيرانها، وهو تاجر الغاز الذي التهم 40 مليار من ميزانية لدولة في أقل من سنة، وهو وزير الفلاحة السابق الذي بذر ما يقارب 40 مليار من ميزانية ما يسمى بمخطط المغرب الأخضر، دون أن يحقق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية، والنتيجة ما يعيشه المواطن الآن.
العدالة والتنمية يا سيادة البرلمانية خطر حقيقي فعلا، ولكن ليس على مغرب الامن والديمقراطية وحقوق الانسان، ولكن على تجار الأزمات وأباطرة المال والمفسدين الذين يعيثون فسادا في المال العام وممتلكات الدولة، وهو ما نجده اليوم في المجالس الجماعية والقطاعات الحكومية، ولهذا حق لكم ان تدوقوا الناقوس عاجلا.
عذراً التعليقات مغلقة