قبل سنة من تاريخه بادر مجموعة من المناضلين الى اصدار «بيان من أجل إعادة تأسيس اليسار المتعدد »
Manifeste pour la refondation de la gauche plurielle
حررت مقالا تفاعليا ونقديا ، اكدت فيه اعترافي المقرون كل تثمين للمبادرة وما سبقها من نقاش تشاركي ، ولو محدود ، وما صاحبها من مجهود فكري وتعبوى ، وطالبت بضرورة تجويد البيان وتمثله أرضية تأسيسية وتأطيرية للنقاش ، ببسط بعض الملاحظات من باب الاستيضاح والاستفسار ودعم بعض الأفكار الوجيهة ، كأساس من شأنه هيكلة « الحد الأدنى المشترك » في أفق توسيع حجمه وتجويد نوعه ، لكي يستوعب أكبر انخراط وتفاعل وتبني وربما تمثل :
+ تقييم مزيد ل « قوى اليسار » ، مكوناتها اقترانا بأدوارها مع تشخيص مركز / سريع للوضع التنظيمي في العلاقة مع الاستراتيجية الفكرية والاختيارات السياسية
+ تعميق التحليل في تطور التشكيلة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية ، ولو في حدود تحديد معالم الصراع والاصطفاف العام ، مع أهمية تشخيص الوضع الداخلي لما يصطلح عليه بالتحالف الطبقي الحاكم ، ودور الملكية كفاعل رئيسي ، مع استحضار التحولات العالمية والاقليمية منذ سقوط جدار برلين وسقوط بغداد وانهيار الدولة / الأمة
+ التذكير بتصاعد المد المحافظ وتداعيات نهاية الحرب الباردة ، اعتبارا من سن سياسة التقويم الهيكلي وصدور توافق واشنطن وقانون بتريوت /بوش لمواجهة الإرهاب ، إلى استراتيجية تصدير الثورات والدمقرطة
+ الانفراج العام المتعثر واعتماد المقاربة الحقوقية في الصراع وتجربة الانتقال الديموقراطي و « العدالة الانتقالية » وتأثيرها على إعادة الاصطفاف ، وبروز النضالات القطاعية والفئوية ووقعها على الحراكات الاجتماعية
+ توضيح مفهوم ومصير مطلب « الملكية البرلمانية » كحل انتقالي نحو الديموقراطية ، وللتوفيق بين « تعايش » نظام وراثي ; ومطلب الديموقراطية المنشودة ، ومن هو حامل هذا المشروع الانتقالي ، بما يعني ذلك من نقد المبادرات السابقة أو الجارية ذات الصلة في ضوء الامتحان الانتخابي
+ مصير التسويات السياسية السابقة والانجازات المتوافق حولها ، بما فيها تقريري هيأة الإنصاف والمصالحة و تقرير الخمسينية حول التنمية ، مع تقييم مسار معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، في العلاقة مع مطلب القطيعة مع مظاهر الاستبداد ،و كذا مطلب ضمانات عدم التكرار والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب
+ تشخيص الوضع التنظيمي من زاوية تقييم العلاقات بين المناضلين وهيآتهم وبين هؤلاء فيما بينهم ، ومدى توفر الشرط الذاتي ، من حيث التعبئة والوعي والنضج والمصالحات البينية ومع الذوات ، خاصة وأن أزمة التأطير تطرح نفسها بالحاح في إرتباط مع سؤال « من يؤطر من » وفي علاقة مع تجديد النخب والأطر وتأهيل القيادات ، اقترانا مع حجم ونوع مقتضيات الديموقراطية الداخلية ، وصناعة الخلف والبدائل
+ تقييم وسائل التحليل وتحيين النظرية ، طبعا باستغراق لنقد التجربة والممارسة في العلاقة مع مسار الفكر الاشتراكي وعلى اساس التحولات القيمية والجيلية ، الذهنية والسلوكية
+ تجديد وتحيين متطلبات ومفهوم « النضال » وتحديد مستوياته ، بما يعنيه تشخيص وضع قدماء الأطر ، ورفع الالتباس بخصوص وضعهم كقدماء ضحايا سنوات الرصاص ، ووضعهم الانساني و الإجتماعي والاقتصادي ، في سياق استفحال ظاهرة تغيير المواقع وتحويل الاختيارات والبوصلات للأسباب نفسها ،
وقد بادرت الى اقتراح تتبنى المجموعة التي وقعت ، الى حدود حينه ، على البيان ، ويتم حصر العدد فيهم ، ثم التفكير في مأسسة النقاش وتحديد أمد معقول من أجل بلورة خلاصات عامة ، مع تنظيم لقاءات تشاورية وتحاورية مع فعاليات تراعى فيها منهجية « إعادة التأسيس المتعدد »
وقد حان الوقت ، بعد عام من تفعيل وتدبير مقتضيات المبادرة ، ويبدو ان وقت التقييم للخطوات قد حل ، خاصة تقييم وقعها على الاختيار والاصطفاف ، ومن الناحية الايجابية يمكن رصد بعض المنجزات تأسيس بعض الاحزمة الفكرية والمنتديات الثقافية المرافقة ، في حين حالت حمى الانتخابات دون تعميق النقاش حول مأسسة التحالفات وترتيب الاولويات والتناقضات ، الشيء الذي يوحي بعودة التيه والتشردم ، ولعل الخلل الذي شاب تقدير منهجية تدبير الزمن السياسي في العلاقة مع الزمن الاجتماعي ، هو الذي سيقحم المبادرة في متاهات غير محسوبة وبالتالي معارك مكلفة جدا ، ان لم تكن خاسرة .
بقلم:مصطفى المنوزي منسق فضاء الزمن الاجتماعي والتواصل التاريخي
عذراً التعليقات مغلقة