السقطة الثانية: حكومة الغدر بامتياز
في عز الحملة السياسية للأحزاب السياسية استعدادا لاستحقاقات 08 شتنبر، سارت هناك حملة اتهامات متبادلة بين الأحزاب الكبرى التي رأت في نفسها القدرة على الظفر بالنصر، أو على الأقل التموقع في الصفوف الأولى، فهذا حزب الأصالة والمعاصرة يخرج أمينه العام بانتقادات لاذعة لحزب الحمامة متهما رئيسه باستغلال موقعه في الحكومة وقدراته المالية لأهداف انتخابية، موضحا في لقائه مع مؤسسة الفقيه التطواني أنه سيطالب من المجلس الأعلى للحسابات أن يراقب مشاريع وزارة الفلاحة التي تتم برمجتها في الشهور الأخيرة لأغراض انتخابية، كما اتهم رئيس حزب الأحرار بشكل صريح باستغلال قفف مؤسسة جود للقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها، قائلا في هذا الصدد، “أن جمعية جود الخيرية أصبحت “مشكلا سياسيا بالمملكة، وأكبر فضيحة أخلاقية تواجه المغرب”، كما طالب عزيز أخنوش برد 17 مليار المتعلقة بالمحروقات الى خزينة الدولة. بل وعلق على سؤال حول إمكانية التحالف مع حزب الأحرار بقوله: ” لا يمكنني أن أكون وزيرا تحت رئاسة عزيز أخنوش”.
حزب الاستقلال بدوره انضم الى الحملات المنتقدة لقفف الأحرار، مسجلا في بلاغ للجنته التنفيذية بتاريخ 21 أبريل 2021 “اطلاق حملات انتخابية قبل أوانها، باستغلال حاجات المواطنين المتضررين من جائحة كرونا بمنحهم القفف الغذائية المشروطة بالانتماء الحزبي، واستغلال المعطيات الشخصية للمستفيدين من عمليات الدعم الغذائي لّأغراض أخرى لا صلة لها بالعمل التضامني، وطالب في هذا الصدد اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية الى “القيام بأدوارها في حماية المعطيات والبيانات الشخصية للمواطنين”
وحده، حزب الاتحاد الاشتراكي، أو بالأحرى عصابة الكاتب الأول، وحدها التي لزمت الصمت حيال تحركات حزب الحمام. وكيف لا يكون ذلك وقد أضحى كفيله الذي يعينه ويشد من ازره، بل أصبح اتحاد لشكر امتدادا لتجمع أخنوش، او ملحقته الحزبية التي يصرف فيها فائض أعيانه في الاستحقاقات الانتخابية، أما سنبلة العنصر فكلمتها كلمة المنتصر، وشعارها “اللهم انصر من انتصر”
هذا كله حصل قبل اسدال الستار عن نتائج 08 شتنبر، أما بعد اعلان النتائج فقد انقلب كل شيء.
فزعيم البام، الذي أخذته العزة أيام الحملة الانتخابية، انقلب بين عشية وضحاها من خصم يشتكي تغول خصمه السياسي، الى محب يتغزل بمحبوبه، ولم يتوان من اجل الدخول في حكومة “تستاهل أحسن” من الغدر بأصحابه و”مناضلي حزبه” -ان جاز القول عنهم مناضلين- كما فعل مع أحد اعيانه بالصحراء الذي كان له الفضل في حصوله على مقاعد برلمانية وجماعية مهمة، وعدد لا يستهان به من الأصوات، فما كان منه الا أن سحب منه تزكيته للترشح لرئاسة الجهة لإفساح المجال لمرشحة خصمه القديم، ومحبوبه الجديد.
حزب الاستقلال بدوره، الذي يمني نفسه بالحصول على المرتبة الأولى وقيادة التحالف الحكومي، فانه لم يلبث ان رضي هو الآخر ببعض الحقائب الوزارية شبه الفارغة، مقابل حصوله على شرف التواجد ضمن الأغلبية الحكومية، مما حدا به هو أيضا الى التخلي عن مرشحه البرلماني في جهة كلميم واد نون الذي زور عليه في واضحة النهار، وامتناعه عن مساندته، كثمن لدخوله الحكومة.
أما قائد التحالف الحكومي العجيب، فقد ضرب عرض الحائط بكل وعوده، وجميع التزاماته السابقة. فمكفوله السابق (اتحاد لشكر) الذي استعمله كأداة للبلوكاج الحكومي الشهير، مشترطا على رئيس الحكومة المعين آنذاك إدخاله للحكومة مقابل رفع البلوكاج، فلم ير، وهو رئيس الحكومة من حاجة اليه، مما حذا به الى التخلي عنه بكل سهولة ورميه بطريقة مهينة خارج التحالف الحكومي، مما دفع بهذا الأخير الى تدشين معارضته المفروضة عليه.
في حين أن حزب الاستقلال الذي كان غير مرغوب فيه سنة 2016، حيث اشترط الزعيم المظلي للأحرار أنذاك استبعاده من التحالف الحكومي، مقابل الدخول اليه، فانه أصبح اليوم حليفا محبوبا مقبولا يمكن ضمه الى جانبه، دون ان يبرر لحد الآن الأسباب التي دفعته سابقا الى رفضه.
هذه إذا بعض من عجائب مشاورات تشكيل حكومة العجائب التي يبدو ان عجائبها لن تنتهي.
عذراً التعليقات مغلقة