فمن حق ساكنة بونعمان اليوم أن تنتفض ضد الحكرة والحيف على وقع أزمة التنقل الخانقة التي تعيشها على الدوام، بعدما وجد المواطنون أنفسهم بين سندان النقل غير المرخص ومطرقة الغياب التام لخدمة قانونية ومؤطرة تضمن لهم حقهم الدستوري في التنقل بأمان وكرامة.
لقد أصبخ مشهد المعاناة مع التنقل وعمل “العتاقة” مشهدا مألوفا في الجماعة، لكنه هذه المرة بلغ السيل الزبى ونفذ الصبر، لأن الساكنة تعاني الأمرين: فمن جهة، تعتمد على وسائل نقل غير مرخصة تفتقر إلى أبسط شروط السلامة والتأمين، ما يجعل كل رحلة مغامرة محفوفة بالمخاطر، ومن جهة أخرى، تغيب الدولة والجماعة والمؤسسات في توفير خدمة نقل مؤطرة بالقانون، تضمن الاستمرارية والجودة وتراعي خصوصية الوسط القروي.
فعملية مطاردة ما يعرف بـ“العتاقة” أو التضييق عليهم دون بدائل واقعية، لا يمكن اعتباره تطبيقا سليما للقانون، بل هو إجهاز على حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو حق التنقل الذي يكفله الدستور المغربي لكل مواطن، كيفما كانت وضعيته ومكان إقامته.
ساكنة بونعمان اليوم لا تطلب المستحيل، بل تطالب الدولة والسلطات المحلية والجماعية بتحمل مسؤولياتها كاملة، وإيجاد حلول عملية تراعي الطبيعة الجبلية للمنطقة، وضعف البنية التحتية، والهشاشة الاجتماعية والاقتصادية التي تجعل من النقل شريان حياة لا غنى عنه.
فالمطلوب في نهاية المطاف ليس تفعيل المقاربة الزجرية القائمة على الحظر والمنع وتفعيل القانون، بل بذل الوسع في إيجاد بدائل لتقنين العملية والتسوية، عبر منح تراخيص استثنائية أو صيغ قانونية تمكن هؤلاء السائقين من العمل في إطار منظم، يحميهم ويحمي الركاب على حد سواء.
فحرمان ساكنة بونعمان من وسيلة تنقل امنة ومنتظمة تحترم ادميتهم ومرامتهم هو حرمان من حق أساسي في العيش الكريم، وعلى الدولة أن تثبت أن التنمية القروية ليست شعارا يرفع ، بقدر ما هو التزام فعلي يترجم في الميدان بحلول تراعي الإنسان قبل كل شيء.














Sorry Comments are closed