لابد من التشديد على كون قطاع الصناعة التقليدية، قطاعا مهما داخل النسيج الاقتصادي في بلادنا، حيث يشغل نسبة مهمة من اليد العاملة، والتي تقدر بحوالي:1.14 مليون، كما يحقق رقم معاملات يقدر ب 76.4 مليار درهما.
لكن رغم أهمية القطاع، فقد عانى بشكل كبير من التبعات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، والتي أفضت إلى شل شامل للقطاع، حيث سجلنا بأسف عميق إقدام مجموعة من الحرفيات والحرفيين، على التخلي بشكل تام عن أنشطتهم المهنية، خاصة تلك المرتبطة بالأعراس، كما وقفنا عن كثب على مجموعة من الحرفيين الذين توقفوا عن أنشطتهم لمدة تزيد عن السنة كاملة، ما جعلهم عرضة لتراكم المستحقات والواجبات المهنية : فواتير الماء والكهرباء، مقابل الكراء، الضريبة المهنية…وقد باشر المكتب السابق بعض الإجراءات لتخفيف هذه الأعباء، وسوف نقوم بدورنا بتتبع هذا الملف، حيث عقدنا مؤخرا اجتماعا مع السيد المدير الجهوية للضرائب، لإيجاد حل توافقي لمشكلة تراكم الضرائب.
من جانب آخر، ورغم المشاكل التي تعتري القطاع، فلا بد لنا أن نكون متفائلين، فمستقبل جهة سوس ماسة، لا بد وأن يكون مستقبلا زاهرا، خاصة وأن جلالة الملك أعطى تعليماته للمسؤولين للنهوض بهذه الجهة، وذلك بمناسبة الذكرى 44 للمسيرة الخضراء.
إن إيلاء العناية الملكية لجهة سوس ماسة، لا يمكن أن يكون له إلا انعكاس ايجابي على قطاع الصناعة التقليدية، الذي يتعين أن يسترجع مكانته اللائقة به، كقطاع استراتيجي، إلى جانب السياحة والفلاحة والصيد البحري، وهنا لا بد من لفت الانتباه إلى أهمية استراتيجية تنمية الصناعة التقليدية، التي تنكب الوزارة على إعدادها، والتي ستغطي مرحلة 2021-2030، وتشمل جانب التمويل، والتكوين، والتسويق، سواء في صنف الفنية الإنتاجية أو الخدماتية، ونعبر بالمناسبة عن انخراطنا الكلي في تفعيل مضامين هذه الإستراتيجية على أرض الواقع.
إن تأمل الأحداث الاقتصادية لعالم اليوم، يجعلنا متيقنين أن مصير العالم مرتبط بعضه ببعض، فقد رأيتم كيف تأثر قطاع الصناعة التقليدية بالأزمة العالمية التي أحدثتها جائحة كورونا، وهذا ما يجعلنا نسطر بشكل مستعجل عن ضرورة انخراط القطاع في التطورات الاقتصادية التي يشهدها العالم، فهذا القطاع ينبغي أن يقطع مع آليات التدبير التقليدية، وعلينا، كما على الصناع أن يدركوا حجم هذه التطورات، وان يكونوا مستعدين لمجاراتها.
في نقطة أخرى، وبالنسبة لنا فإن التكوين المستمر يشكل حجر الزاوية في قطاع الصناعة التقليدية، فهذا القطاع، أخذ يتطور بشكل منقطع النظير، وهو ما يحتم علينا مواكبته، خاصة في المهن المتعلقة بصيانة السيارات، وكذا مهن البناء، بل وسائر حرف الصناعة التقليدية، وهذا ما حذا بنا إلى التفكير في عقد اتفاقية شراكة مع مركز النجاح والتنمية، وذلك في مجال تكوين الحرفيين.
أيضا، لا بد من التفكير في سبل تمويل حاملي مشاريع الصناعة التقليدية، فكما يعلم الجميع، فالغرفة عقدت اتفاقية تعاون وشراكة مع جمعية سوس ماسة مبادرة، لتمويل حاملي مشاريع الصناعة التقليدية، حيث ساهمت في تمويل ما يزيد عن 200 مقاولة حرفية، ونحن اليوم، قد نجحنا في إتمام توقيع اتفاقية ثانية مع ذات الجمعية، والتي ستنصب حول تمويل المواد الأولية، لكن علينا الإقرار أن الاقتصار على هذه الجمعية وحدها، لن يلبي طلبات جميع الحرفيين والحرفيات، وهو ما يقودنا إلى التفكير في آليات أخرى للتمويل، كما هو الشأن بالنسبة لعقد اتفاقيات مع المؤسسات البنكية، قصد منح قروض بشروط تفضيلية للصانعات والصناع التقليديين، كما يتعين علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى، عقد اتفاقيات شراكة وتعاون، مع المؤسسات المنتخبة، خاصة مجلس الجهة، والمجالس الإقليمية والجماعية، قصد تجاوز ضعف الإمكانيات الذاتية للغرفة.
أيضا، وكما نعلم جميعا فإن الحياة الاجتماعية والمهنية للصانع التقليدي، هما وجهان لعملة واحدة، إذ لا يمكن الفصل بينهما، لذا فإن اهتمامنا سينصب أيضا على الحياة الاجتماعية للحرفيين، خاصة فيما يتعلق بأزمة السكن التي يعانون منها، بالإضافة إلى الانخراط الجدي والمسؤول في الورش الملكي المهم، المتمثل في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، فإنجاح هذا الورش من شأنه انتشال مجموعة من أسر الحرفيين والحرفيات، من الحاجة والعوز التي يتخبطون فيها، إذ لا يعقل أن يقدم الصناع والصانعات تضحيات جليلة للوطن، دون أن يستفيدوا من أدنى وأبسط شروط العيش الكريم، وعليه، فقد حان الوقت للرفع من المستوى المعيشي للحرفيين والحرفيات.
هذه أبرز الخطوط العريضة التي ستوجه إطار اشتغالنا في هذه الولاية، وفق مقاربة تشاركية مع كافة المتدخلين والشركاء في قطاع الصناعة التقليدية.
عذراً التعليقات مغلقة