“المؤثرون الجدد” : ناشروا التفاهة… خبراء التواصل لدى الحكومة.

رشيد حموش14 أبريل 2022آخر تحديث :
“المؤثرون الجدد” : ناشروا التفاهة… خبراء التواصل لدى الحكومة.

لم يكن ظهور من يطلقون على أنفسهم “المؤثرين” ، على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب سوى موجة ستنتهي، بانتقال العالم الى الميتافيرس، فحقية التأثير على مواقع التواصل الاجتماعي، حقيقة زائفة الغاية منها إلهاء الأميين، وبعض البسطاء بأنهم “قدوة” وفي منافسة الوقت طمعا في مراكمة أموال الإشهار. فبالرغم من تنوع محتويات مؤثروا وسائل التواصل الاجتماعي عبر مواقعهم الخاصة ،إلا أنها لا ترقى الى مستوى جودة المحتوى وأهدافه الإيجابية ، بل أن غالبية المحتويات لها تأثير خطير على نفسية وسلوك الجمهور ،بل أن البعض من متتبعي هاؤلاء إنخدوهم قدوة يحتدى بها ومصدرا للمشورة والمعلومة ،ظانين أن لديهم القدرة على جس وفهم نبض الشارع .

وإسترسالا ، دعونا نذهب لنصحح مفهوم “المؤثر” بما فيه وما عليه ، حتى نوضح للحكومة، وبرنامج فرصة بأنها اليوم أصبحت تلعب بالنار، وتجعل من الفاشلين قدوة لأولادنا وشبابنا، بحلول 2014 أصبح مفهوم المؤثرين في الولايات المتحدة، والدول الاوربية متعلقا بمشاهير التمثيل والموضة والغناء، الذين يتابعهم الجماهير، ويتأثرون بثقافتهم ودعواتهم لحماية حقوق الانسان والبيئة، وبعضهم أصبحوا سفراء للنوايا الحسنة والسلام، لأنهم لا يعبثوا بالرسائل السياسية والثقافية والاجتماعية، وأغلبهم مثقفون وحاصلون على شواهد عليا في مختلف التخصصات ، بل ان فئة منهم خبراء في توجيه وصناعة الرأي العام .

إنتقل مفهوم المؤثر من دول الخليج نحو المغرب ، عن طريق تطبيق “سناب شات”، حيث ظهر بعض الاشخاص لاثقافة لهم ولا علم بطريقة صناعة المحتوى الرقمي وطبيعته ، توسعون في دول الخليج وراكموا ثروات كبيرة ، لكن بعضهم اشتغل بغسيل الأموال خاصة في الكويت التي فتح فيها القضاء تحقيقا وأصدر أحكاما تجاه هؤلاء المؤثرين، وأصبح بالواضح والملموس انهم يتبعون طرق احتيالية للكذب على الجمهور .
وانتقل مفهوم “المؤثر” من الخليج الى المغرب كما أشرت مع اختلاف التطبيق المستعمل، حيث انتشار استعمال فايسبوك وانستغرام، غير أنهم لا يختلفون تماما عن كثيرا من ينشرون التفاهات والجهل، ويحولون متابعيهم الى مدمنين، واخرين كارهين للحياة بسبب مشاهد الثراء التي يصورنها ، والتي فيها الكثير من التمثيل والاحتيال على المتابعين، بحيث أنهم لا ينشرون مآسيهم وأحزانهم ، كما أنهم يوهمون الناس بانهم اكثر سعادة وثقافة وهم في الحقيقة، لا يملكون شجاعة للعمل والابتكار .

اليوم حينما تلجؤ حكومتنا المحترمة الى المؤثرين ، لاطلاق برنامج “فرصة” التي يراد منها انتشال الشباب، فإنها تضع هؤلاء التافيهين” المؤثرين” فوق خبراء الاقتصاد وعلوم السوق والمقاولة ، وفوق المثقفين والباحثين الجامعيين والسياسيين ، إذن فلنترحم على كفاءاتنا ونخبنا ، ولنترك اعمال الحكومة وتدبير الأزمة الحالية للمؤثرين ، فقد أفشلنا التعليم ، وأفقرنا الأحزاب الوطنية، وتركنا ورائنا المفكرون والعلماء ومحبوا هذا الوطن .
ختاما إن اخذتم الكراسي وقتلتم الأمل في كل إصلاح وتغيير حقيقي، فقط أرجوكم لا تجعلوا من التافيهين أبطال ، لانهم لن يقدموا شيئا لهذا الوطن .

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة